أديب وكاتب سعودي
وخلال فترات الحكم العربي ومنذ عهد سيدنا معاوية بن ابي سفيان كانت الصفوة الحاكمة تتكون من ثلاث مجموعات مختلفة عن بعضها البعض منهم قادة من العسكريين الذين لا يفهمون من فنون وعلوم العسكرية الا القتل والبطش والفتك بالرعية في سبيل اشباع شهوة الحكم عند الحاكم وهي شهوة لا تشبع. والمجموعة الثانية هم من رجال السياسة المنافقين والمصفقين لكل ما يفعله او يقوله الحاكم ، والمجموعة الثالثة هم من التجار الذين يهمهم في الدرجة الاولى ارضاء الحاكم .. [ برشوته ].. وهم الذين تنطبق عليهم الاية [وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ] {البقرة:188}
والواقع التاريخي العربي السياسي يقول ان امتنا العربية تحب هذا التصنيف السياسي، ولم تستطع تطويره ليصبح علي شكل مؤسسات حكم . كما هو الحال في الغرب .
فالحاكم العربي يحكم حسب .. [ تقلبات مزاجه].. و.. [ ضغوطات اهوائه ].. ومن يحيط به من رجال لا يخرجون من ذلك المحيط .
ان ممارسات الحكم العربي مليئة بالمتناقضات السياسية ، فلم يعرف الحكم في العالم نماذج فساد الا في اروقة ودهاليز الحكم العربي . فالحكم العربي الوحيد هو من يقتل او يسجن المواطن اذا نصح الحاكم ، وهذا الحاكم يغدر بمن قربه من مستشاريه . مثلما فعل هارون الرشيد بالبرامكة . وما فعله ابو جعفر المنصور حين قتل المثقف المفكر عبدالله بن المقفع وقتله لابي مسلم الخرساني . وما فعله الحجاج بن يوسف الثقفي حين قتل المرأة التي سقته الماء واللبن هو وصحبه وهم في الصحراء كادوا ان يموتوا من العطش ، وحجة الحجاج انه لم يجد لها جزاء افضل من الشهادة بقتلها . هذا هو الفكر السياسي العسكري العربي .
هو نفسه الحاكم العربي الذي اوجد الفرقة والتمزق في الامة العربية ، فقضية .. [ فتنة خلق القران ].. لم تكن قضية فكرية بل هي سياسية . كانت سبباً من اسباب الفرقة في الامة الاسلامية بسبب قرارات الخليفة المأمون بن هارون الرشيد السياسية .
واليوم هو نفسه الحاكم العربي والمسلم من شجع .. [ الجهاديين ].. للجهاد في بعض الدول الاسلامية مثل : افغانستان وفلسطين والشيشان والعراق وغيرها .
وكان اؤلئك .. [ الجهاديين ].. محبوبين عند الحاكم والمحكمين من الشعوب الاسلامية . وفجاءة وبدون مقدمات اصبح مسمى .. الجهاديين .. هو .. [ الارهابين ]..
و.. [ الفئة الضالة ].. و .. [ الانتحاريين ]..،. وغيرها من مصطلحات الإعلام العالمي . واثيرت الكثير من التساؤلات التي لم يتم الإجابة عنها ، بل أهمها : لماذا تصرف الحاكم العربي هكذا دون ان يحسب حساباته بدقة ويفكر مرتين قبل أن يقرر. ثم يضع لكل قرار حدود ، وضوابط حتى يستطيع ان يفهم ماله وما عليه؟.
المواطن العربي .. يصدق من ؟!.
الإنسان المسلم .. يقف من ؟!.
من يعرف الحقيقة الكاملة ؟!.
الإنسان العربي مغلوب على أمره .. [ ..... ] .. ماذا يفعل لكي يتخلص من كم هذه المصائب التي نزلت عليه !.
وكيف يصدق ويثق الإنسان العربي المسلم في اؤلئك .. [ الجهاديين ].. الذين اعترفوا بشجاعة وجرأة وصدق ووقاحة انهم يتأجرون في زراعة وتهريب ..(( الحشيش )).. وتوزيع
..(( الهروين )).. ،. وهؤلاء الجهادين انفسهم اذا حان وقت الصلاة وارتفع صوت المؤذن متأدباً
( الله أكبر ) هبوا جميعاً لأداء فريضة الصلاة . فما هذة المزاجية المتقلبة .
وفي الاخيرة يقولون لنا انهم يجهادون لمحاربة الشيطان الاكبر ، واخراج المستعمر من بلدانهم . ولا اعرف كيف ينسون بقصد .. [ الجرائم البشعة ].. المترتبة على بيع وتوزيع
( الحشيش ) و ( الهروين ) ، وما يترتب عليهما من فتك بشباب ونساء الأمة ؟!.
واليوم يتجنب الحاكم العربي صراعاً مبكرا مع جيش .. [ الجهاديين ].. المنتشرين في كل زوايا ومواقع العالم العربي والاسلامي .
لقد اصبح .. [ المجاهد ].. العدو الاول لانظمة الحاكم العربي والاسلامي . بعد ان نماء وترعرع ونشأ في اروقة وقصور الحكم العربي . ولقد استنزف هذا المجاهد مجهودات كبيرة وبشكل متعدد من وقت وجهد الحاكم والسلطة العربية والاسلامية على حد سواء . وفعلا خرج ذلك .. [ المجاهد ].. سابقاً ، و.. [ الارهابي ].. حالياً وحسب تصنيفات الغرب ، خرج مجروحاً على اقل تقدير من حدة الازمات والمعارك التي خاضها ويخوضها مع الحاكم ومزاجه وسلطته.
فنجد انه تبرم ..(( هدنة )).. مؤقتة مع الجهاديين في مصر والجزائر والمغرب والسعودية، وقد يلغي مفعول تلك الهدنة لاي مزاج يعكر صفو النظام الحاكم والسلطة . وقد نسمع ونقرأ الكثير من ..(( [الاستفزازات الكلامية ])).. أما عبر المقالات الصحافية او التصريحات التلفزيونية او الحوارات المتلفزة يطلقها كلا الطرفين ، وكانها .. [ مناورات مزاجية ].. وقد يعكس تصريحات او مقالات الجهاديين واتباعهم من رجال الفكر والقلم والاعلام المؤيدين لهم ، يعكس فهما عميقاً للواقع والثوابت ، مع مرونة كبيرة في التحاور والمناقشة ، للتحرك في كل الاتجاهات وبين هذه وتلك لتحقيق مقاصدهم السرية والمعلنة .
إن خصوم ، بل قل اعداء الجهاديين او الارهابين في العالم العربي والاسلامي اقوى من اعدائهم في الدول الغربية ، وهذه مسلمة قد لا يعترف بها الجهاديين . واؤلئك الخصوم او الاعداء . ليسوا قاصرين في اعمالهم وقراراتهم ونفوذهم على الداخل ، بل انهم يمتدون الى كل دول الجوار .
ليس عيباً أو نقيصة الا يعرف المواطن العربي ان .. [ حاكمه ].. يحكم وطنه وقضاياه عبر ..(([ نظرية المزاج ])).. وتقلبات ..(([ الاهواء ])).. وهو يقلد اجداده من الحكام العرب السابقين . ولكنه ليس بالمقياس نفسه .
كان الله في عون المواطن العربي الغلبان . قال تعالى في ا لقران المجيد : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ] {محمد:7}
فهل ننصر الله حتى ينصرنا ؟!.
والله يسترنا فوق الأرض ، وتحت الأرض ، ويوم العرض وساعة العرض ، وأثناء العرض .
للتواصل :5366611
Faranbakka@yahoo.co.uk
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق