أديب وكاتب سعودي
لقد ظن الكثير من السياسيين الخليجين أن آرائهم السياسية ذات طابع إلزامي ، وهذا ما أدخل المنطقة في الكثير من الأزمات العالمية . وأضحت لدينا خيارات واضحة من التناحر والصراع والتعصب والكراهية والانتقام والعداء . والتهييج والعاطفي لتبني مواقف غيرنا . وانتشر الفساد في كثير من زوايا الخليج ، وبعضهم أفسد لدرجة الفحش، وبعضهم فجر مما أثار غضب الرعية وبعضهم أضاع حق الرعية وانصرف لملذاته وكان هذا الفساد بسبب الصراع على .. [ السلطة ].. وبهدف إشباع ..(([ شهوة الحكم ]))..،. ومن مختلف مقاعد السلطة ، وطرقها ومخارجها ومنافذها وأساليبها. ونسوا أن أبو جعفر المنصور ظل يراقب ، ويتابع ولكنه لم يحاسب بعد . فأبو جعفر يحاسب بشدة ، وما قاله عندما عين أحد الولاة على المدينة المنورة حيث قال له : (( أنني لا أعزل ، بل أفعل أكثر من العزل .....)). وكان الرشيد يقصد أنه يسجن ويقتل اذا أخل المسؤول بمسؤولياته الوظيفية . هكذا تكون محاسبة الحاكم لكل مسؤول تكلف بعمل عام يخدم عبره الرعية .
وفعلا استغل بعض السياسيين الخليجيين الإعلام ووسائله لعمل بطولات على حساب أوطانهم ، وذلك بمقتضى خصال شخصية ذاتية ، وبمقتضى النفوذ الذي شكله من منصبه الوظيفي . استغلوا .. [ المنصه الحكومية ].. وجعلوها هي ..(( الحسام المستل للمنافحة )).. والظهور أمام الأمة بهدف تسليط الضوء على أنفسهم ونسوا مبدأ المدافعة عن المستضعفين والسائلين والمحرومين ، والذين لا لسان لهم يجهرون به لمطالبهم واحتياجاتهم .
أن لكثير من السياسيين الخليجيين أن يصمت ، وأن ينسحب من المشهد السياسي بهدوء تام ، كي يفسح فرصة للوطنين للظهور ومعالجات الأمور قبل أن تستفحل . لان الخوف كل الخوف أن يأتي أبو جعفر المنصور ليعالج الأمور والأزمات بسيفه وحزمه وصرامته وشدته .
نحن لا نريد أن يأتي إلينا أبو جعفر المنصور على ظهر دبابة أمريكية ، أو مدرعة بريطانية ، أو طائرة فرنسية ، وفي يده مسدس بلجيكي ، وخنجر سويدي ، نحن في حاجة إلى أبو جعفر المنصور يطهر المنطقة من الفساد الذي أنتشر في البر والبحر بما كسبت أيد السياسيين الخليجيين . نريد جسوراً عالية من الحب والتعايش السلمي والاستقرار والتعاون ، مع كل دول العالم بدلاً من أن نقيم مزيداً من عوائق الكراهية والانتقام والعداء الديني وخاصة في المذاهب الدينية والسياسية . وأن لا نتدخل في شؤون غيرنا من الدول بل أن .. [ اللقافة السياسية ]..، تنمو لدينا بتدرج غير معقول .
نريد سياسيين قادرين على ممارسة مسؤولية الرقابة على نفسه ، ويملك قدرة على إعادة توجيه أفكاره وأرائه إذا لزم . لأننا نريد .. [ سياسة خليجية ].. مفتوحة على كل العالم ، وعلى كل المراكز والمواقع السياسية الحيوية سواء في الغرب أو الشرق .لان من حق المواطن الخليجي أن يسمح له بحق التعبير تجاه سياسة وطنه ، وله الحق أن يرى كل شيء ويستوعب ويستمتع بثروات وطنه .
وعندما نعود لأحاديث وتصريحات بعض كبار السياسيين الخليجيين نجد أنها تمتلئ بتقديس سياسة ومنهجية .. [ المستعمر ].. و .. [ المحتل ] .. التي لا تمارس التسامح ولا تحترم إحقاق الحق . كما أننا لا نريد ..(( حروب )).. تشعلها أبواق مأجورة كما قال الشاعر الأموي نصر بن يسار :
أرى خلل الرماد وميض نـــار ويوشك أن يكون لها ضرام
فإن النار بالعودين تذكــــى وإن الحرب أولها كــــــــــلام
والله لقد صدمتني تلك الكلمات التي يطلقها بعض كبار المسؤولين الخليجين ولا يدركون خطورة ما يقولون من كلام يسئ لأنفسهم ولبلدانهم . وأسفت ولا أزال أسف على مسلك بعضهم في المحافل الدولية .
نريد أبو جعفر المنصور أن يقود ..(([ حملة تطهير ])).. لسارقي المال العام الخليجي ، وأن يفعل بهم كما فعل أبو جعفر مع وزيره الأول ومستشاره أبو أيوب حين سرق المال العام حيث سجنه ثم قطع رأسه في السجن .
لماذا أصبحنا أسرى للازدواجية باطن غير معلن وظاهر غير مكتمل ، ولم نتعود على الجهر بالحقائق . ولم نعد نقوى على قول الحق والحقيقة . وعندما حاول البعض أن يجهر او جهر بما سمع ، وبما رأى ، وبما عاش منع من ذلك ، وتم تصفيته ومحاربته وأغلقت كل الأبواب عليه وفي وجهه . رغم معرفة الكثير من الرجال الفاعلين صدق وصحة ما كتب وسمع ورأى وعاش .
أن أبو جعفر المنصور المؤسس الحقيقي للدولة العباسية رفض ان يستقبل الشعراء الذين يتبعهم الغاون ، لأنه رفض سياسة .. [ النفاق ].. و.. [ الرياء ].. السياسي ، والتمجيد الممقوت ، وقال عبارته الشهيرة : (( أنني لم أخلق لهذا )). واليوم الإعلام وآلياته ووسائله يفعل فعله في الخليج من كذب ونفاق ورياء وتمجيد ونفخ في الذات الحاكمة والسلطة .
هذه المقالة تناولت بعض الأمراض والملاحظات والتجاوزات الخليجية التي تمارس على العلن وبكل وقاحة وصفاقة .
أخشى ، ما أخشى أن نستمر في ..(( الغيبوبة ))..،. ما لم يظهر لنا أبو جعفر ابو المنصور حاملا سيفه البتار ، وقراراته الصارمة والحازمة والقاسية .
فالحذر ، الحذر ، الحذر ، من مغبة الزمان ، والحذر الأكثر من قسوة أبو جعفر المنصور إذا قدم .
والله يسترنا فوق الأرض ، وتحت الأرض ، ويوم العرض وساعة العرض ، وأثناء العرض .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق