أديب وكاتب سعودي
يستغل كل الحكام المسلمين الذين حكموا الأمة الإسلامية ومنذ مقتل سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وبروز الفتنة الكبرى ثم مقتل سيدنا علي بين أبي طالب رضي الله عنه . وبداية .. [ الحرب الإسلامية ].. بين المسلمين .. المسلمين واعني بذلك جيش سيدنا على رضي الله عنه ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ، وحين ذاك ذكر سيدنا على رضي الله عنه بعض الصحابة ببعض الأحاديث النبوية ابتداء من السيدة عائشة رضي الله عنه حديث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم : (( ستقالك الفئة الباغية )). وما قاله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم للزبير بن العوام فقال رسول الله : (( يا زبير والله لتقاتلنه وأنت له ظالم )). وقول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لعمار بن ياسر : (( يا عمار تقتلك الفئة الباغية )). فكانت الفتئة الباغية بقيادة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه تعلو وتقدم شعار وكلمات .. [ الله أكبر ، الله أكبر ].. عند بداية المعارك بين المسلمين والمؤلم بل المؤسف أن المسلمين يتقاتلون تحت كلمة التوحيد (( لا إله إلا الله محمد رسول الله )).. [الله أكبر،الله أكبر ].. بسبب..(([ شهوة الحكم ]))..،.
المؤسف أن كل من يقاتل تحت هذه الكلمات التي تكون الطمأنينة والروحانية والاستقرار ، ثم يجلس أولئك الحكام على .. [ مقعد السلطان ]..،. ويدعون أنهم سوف يحكمون بكتاب الله وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
وعند فعل ..(([ الممارسة السياسية ])).. للحكم بين الرعية ينسون بقصد كل تلك الوعود الإسلامية التي قطعوها على أنفسهم أمام الله وأمام الرعية ومن بيايعهم على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، نعم ينسون بقصد كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله ، وينسون تحكيم كتاب الله وسنة رسول صلى الله عليه وسلم بين الرعية .
■■■
ولقد ورد في تراثنا الإسلامي العظيم الكثير من المواقف السياسية التي تبين بوضوح تام مخالفة المبادئ والقواعد والقيم والأخلاق الإسلامية في ممارسة الحكم ، فمثلا ما ورد بشأن معاوية بن أبي سفيان: (( سافر معاوية بنفسه إلى مكة وتوعد صحابة رسول الله قائلاً : أعذر من أنذر !. إني كنت أخطب فيكم فيقوم إلى القائم منكم فيكذبني على رؤوس الأشهاد فأحمل ذلك وأصفح ، وإني قائم بمقالة .. فأقسم بالله لئن رد عليّ أحدكم كلمة في مقامي هذا ، لا ترجع إليه كلمة غيرها حتى يسبقها السيف إلى رأسه فلا يبقين رجل إلاّ على نفسه !)). ثم أمر صاحب حرسه أن يقيم على رأس كل منهم رجلين مع كل واحد منهم سيف ، وقال له : (( إن ذهب رجل منهم يرد على كلمة بتصديق أو تكذيب ، فليضرباه بسيفيهما )). كما جاء أن الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان ، فرض البيعة لأولاده وخطب في الحج بالناس عام (75هـ) فذكر أنه : ((خطب الناس بالمدينة فقال بعد حمد الله والثناء عليه :(( أما بعد فاني لست بالخليفة المستضعف ، يعني يزيد ، ولا بالخليفة المداهن ، يعني معاوية ، ولا بالخليفة المأفون ، يعني عثمان ، ألا وأني لا أداوي هذه الأمة إلا بالسيف حتى تستقم لي قناتكم ، وإنكم تحفظوننا أعمال المهاجرين الأولين ولا تعملون مثل أعمالهم ، وأنكم تأمروننا بتقوى الله وتنسون ذلك من أنفسكم ، والله لا يأمرني أحد بتقوى الله بعد مقامي هذا إلا ضربت عنقه )). كما أشار لذلك النفيسي .
وفي العهد العباسي يروي أن الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور / قتل بالسم الإمام أبو حنيفة لأنه قال له : أتق الله يا أمير المؤمنين في بني أمية وسفك دماء المسلمين بغير وجه حق . وسجن وجلد واليه على المدينة المنورة الإمام مالك رحمه الله لأنه قال : (( فليتق الله أبا جعفر فيما يفعله .. )).
■■■
وفي العصر الحديث وأعنى في القرن العشرين لدينا الكثير من الأمثلة التي تبين أن الحكام الذين تقلدوا الحكم والسلطة وغيرهم من الانقلابين والثورين مارسوا نفس التوجه السياسي نحو أعلاء وتقديم كلمة التوحيد لاستقرار الحكم والسلطان وإشباع ..(( شهوة الحكم ))..،. والأمثلة كثيرة منها :
1/: ما فعله المجرم جهيمان العتيبي واعتدائه على المسجد الحرام عام 1400هـ.
2/الحرب العراقية الإيرانية عام 1980م والتي دامت ثماني سنوات .
3/: وأخيرا غزو الكويت عام 1990م . وغيرها من مثل هذه الكوارث .
هذا الأحداث المجنونة وغيرها قامت ونفذت تحت كلمه لا اله إلا الله محمد رسول الله .
أن تقوى الله في ذات الإنسان تنقسم إلى قسمين وهما :
أ/: تقوى فردية . وهي ما يتعلق بالعبد وربه وما يفعل من أعمال وحسنات تعود بالنفع عليه .
ب/: تقوى جماعية . وهي مخافة الله تجاه الجماعة . وإن كان ما يفعله الإنسان من حسن معاملة مع الناس تقرره .. [ تقوى الله ].. في داخله . أي علاقة الإنسان بربة والجماعة . وهذه الأمور والأخلاق والقيم والمبادئ غفل عنها الخطاب الديني اليوم في معاملة الأمة . ولم يتناولها الخطاب الديني بعمق ، ولا باستمرار، ولا إلحاح .
■■■
وفي المقابل ذكر لنا التراث الإسلامي القليل والقليل من الأمثلة التي تبين سيطرت مخافة الحاكم من الله . فتقوى الله تسيطر عليه وعلى كل سلوكياته وإجراءاته وقراراته ، والأمثلة منحصرة في عهد الخلفاء الراشدين المهدين حين قال سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه قال : (( أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم )). وقال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوم تولى الخلافة : (( إذا عوجيث فقوموني .... )).
وكذلك ما قاله الخليفة الأموي سيدنا عمر بن عبدالعزيز فهو الخليفة الأموي الوحيد الذي سجل له التاريخ هذا الموقف الرائع والخالد حين قال لوزيره رجاء بين حيوه : (( يا رجاء إذا رأيتني خرجت عن الطريق فقل لي .. (( اتق الله يا عمر ))! )).
ويجمع المؤرخين والعلماء على أن ..(([ تقوى سيدنا عمر بن عبدالعزيز ])).. ساعد في أبرازها وظهورها وانتشارها واستقرارها ..(([ البطانة الصالحة ])).. التي كانت حوله وهم ثلاثة رزق الله عمر بن عبدالعزيز بهم وهم :
1/: خادمه درهم .
2/: ابنه عبدالملك .
3/: وزيره رجاء بن حيوه .
والبطانة الصالحة والراشدة هي التي تساعد ..[ الحاكم ].. على تقوى الله ومخافته في حكم الرعية . وهذه البطانة الصالحة ما تريدها اليوم الشعوب العربية المسكينة والمغلوب على أمرها .
واليوم بعض الحكام والأمراء والوزراء إذا كتبت أو قدمت له .. [ نصيحة ].. تدعوه لمخافة وتقوى الله ، فإنه يغضب ، وقد يسجن ، ويفصل من العمل ، ويمنع من الكتابة ، ويمنع من السفر ، ويطارد ويلاحق .
فما بال هذه الأمة المسلمة ومخافة الله !.
يا أمان الخائفين !.
والله يسترنا فوق الأرض ، وتحت الأرض ، ويوم العرض وساعة العرض ، وأثناء العرض .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق