الرسول العظيم سيدي محمد صلى الله عليه وسلم كان مؤدباً ومتأدباً في مكة المكرمة وهو محاصر من قبل كفار قريش ، هو أصحابه رضوان الله عليهم ، وكان لا يصلهم الطعام ولا الماء ولا الكساء . وصمدوا بتأدب عظيم وبإرادة قاهرة كسرت ذلك التحدي المجنون .
إن حسن الادب في مكة المكرمة ( مطلب ديني ) .. بل هو .. ( واجب ديني ) .. وعلم له ثقافته العميقة .. لا حظت وربما غيري لا حظ ذلك وأكثر مني ، ان البعض ــ هداهم الله ـــ اليوم يتطاولون على مكة المكرمة بجهل كبير ، وغطرسة عمياء . ويفعل ذلك(الاعمي بصيرة ) .. انه ستأكله .. ( نار الحماقة ) .. وسيحرقه .. ( جمر الندم ) .. حين يفعل ذلك الفعل كما قال المفكر المصري توفيق الحكيم : (( لا يطفئ مصباح العقل غير عواطف النفس )).. ذلك البعض يتطاول على مكة المكرمة وأهلها بأسلوب فيه كل الجهل والغباء ، ولأمور غير مقبولة وغير واقعية وذلك بتفسير تأمري غريب . ونسي اؤلئك النفر حكمة أحد المفكرين حين قال : ((لكي تفهم شعباً يجب ان تعرف قيمة المكان الذي يعيش فيه )). فمعرفة قيمة مكة المكرمة وقداستها وأهميتها هو ..((واجب ديني وأخلاقي )).. ،. إن القدوس السلام المؤمن اختار مكة المكرمة لتكون منطلقاً لرسالته ، ودعوته للتوحيد ، إنما هو العالم المطلع على بواطن الأمور ، وهو الأعلم حيث خصص موقع رسالته فهو من حدد الزمان والمكان والإنسان ولسانه ولغته ولهجته . اليست هذه الحقائق من أدلة عبقرية مكة المكرمة .
أريد ان اقول إن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان المؤهل الوحيد والأكثر من سواه لحمل اعباء الرسالة السماوية بشهادة الخالق حين قال لسيدي وحبيبي محمد عليه الصلاة والسلام. [ وإنك لعلى خلق عظيم ] . وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو من قال : (( أنما بعثت لاتمم مكارم الأخلاق )). هذه قاعدة من قواعد الأدب والتأدب في مكة المكرمة .
وإن معرفة أهل مكة المكرمة بالإسلام العظيم جعلتهم أقدر على فهم ( التأدب ) في مكة المكرمة ، يضاف لذلك ما يمتلكه العقل المكي من مرونة وذكاء وقدرة على الإبداع والتطوير والتجديد . لا يمكن لحاقد ان يركل التاريخ المكي ، او يقذف به للخلف مهما بلغت حدة حقده عليه . اريد ان اقول لمن يأتي الى مكة المكرمة عليه ان يتسم بالصفات التاليه : ( التحلي ، التجلي ، التخلي ).
إن القصص والمواقف والأحداث الرائعة ، التى تذكر في حسن الأدب والتأدب في مكة المشرفة كثيرة منها ما سمعته شخصياً من سيدي الوالد الشيخ عبدالله بن سعيد ـــ رحمه الله ـــ وهو أحد رجالات معالي المعلم محمد بن عوض بن لادن ـــ رحمهما الله ـــ. قال لي : ان الشيخ محمد بن لادن ـــ رحمه الله ـــ كان يفرض على كل العمال بمختلف فئاتهم والذين يعملون في بناء وتشييد وتعمير المسجد الحرام أن يتوضؤوا ويكونوا على طهارة كاملة ، قبل الشروع في العمل ، وذلك تأدباً واحتراماً وتقديراً للحرم ومكة المكرمة . يا سلام على هؤلاء الرجال أصحاب القامات الطويلة ، والتي يقوم لها التاريخ احتراماً لها ولأعمالها وأفعالها .
إنه ينبغي علينا جميعاً إلا تغيب عنا خصوصية هذه الأرض المقدسة والمحروسة وخاصة حسن الأدب والتأدب في مكة المكرمة ومع أهلها المباركين .. الم يقل عنها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم . وهو واقف على الحزورة . واستقبل الكعبة : (( والله إني لأعلم انك أحب بلاد الله الى . وإنك أحب أرض الله إلى الله ـــ عز وجل ـــ وأنك خير بقعة على وجه الأرض ، وأحبها إلى الله ــ تعالى ـــ ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت )). إلا يعلم من لا يحسن التأدب في مكة المكرمة انه ما على وجه الأرض بلده وفد إليها جميع النبيين والملائكة والمرسلين أجمعين ، وصالح عباد الله من أهل السماوات والأرض والجن إلا مكة ، وانه ما على وجه الأرض بقعة ينزلها كل يوم من عند الله تعالى عشرون ومائة رحمة ، إلا مكة ، وأنه ما على وجه الأرض بلدة أبواب الجنة كلها مفتوحة اليها إلا مكة . وما على وجه الأرض بلدة يستجاب فيها الدعاء في خمسة عشر موضعاً الا مكة .
وذكر الإمام الورع الزاهد الحسن البصري ـــ رحمه الله ـــ ، في ختام رسالته الشهيرة قوله : (( إلا إن أهل مكة هم أهل الله ـــ تعالى ـــ وجيران بيته ، وما على وجه الأرض بلدة فيها شراب الأبرار ، ومصلى الأخيار إلا مكة ))..،.
ولعل من المفيد في هذا الموقع أن أذكر من يشتم أو ينال من مكة المكرمة وأهلها بما قاله سيدنا أبو ذر الغفاري الصحابي الجليل ــ رضي الله عنه ـــ حين شتمه رجل فقال لشاتمه: (( لا تغرق في شتمنا . دع للصلح موضعاً ، فإنما لا نكافي من عصى الله فينا بأكثر من ان نطيع الله فيه ))..،.
يجب ثم يجب ثم ينبغي أن نحسن الأدب والتأدب في مكة المكرمة ومع أهلها الفضلاء الذين هم ثمرة من الثمرات التي تجبى إلى مكة المكرمة. قال الله تعالى في القران المجيد :( يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِن لَّدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) سورة القصص(57).
والله يسترنا فوق الأرض، وتحت الأرض ، ويوم العرض ، وساعة العرض ، وأثناء العرض .
للتواصل :5366611 Faranbakka@yahoo.co.uk
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق