أديب وكاتب سعودي
يقول : إسماعيل بن عمرو بن سعيد بن العاص ، والذي اشتهر بلقب الأشدق : (( إني لأستحي من الله أن أخشى معه أحداً )) .
أدرك كمثقف بفهم وتفهم كبيرين مستوى الطموحات الضخمة والأماني الواسعة التي يعيشها المثقف والمتنور من الحكام والمسؤولين ، للرقي والارتقاء بمستوى مدن بلادهم . والنهوض بالخدمات العامة بها . منهم وبحكم تجاريبهم الطويلة والعميقة في أروقة ودهاليز السياسة يملكون الرأي الرشيد ، وهم سديدي الفعل السياسي ، وحكيمي في فكرهم . وملأت رؤوسهم بكثير من معارف العصر ، وهم أصحاب رؤية لها اعتبارها . ويتمتعون ببعد نظر . بل يعرفون معظم طبائع الناس ، ويستوعبون وسوسة الشيطان ممن حولهم من البطانة . لما فيهم من دهاء وفظنة . وهذه المقومات تساعدهم على قبول .. [ النصيحة ].. واستيعابها في حالة قبولها من المثقف المصلح . فإن المثقف ناصح أمين.ورأيه غير ملزم لأحد منهم .
والحكام المسؤولين يتولون مسؤولية عظيمة عندما تولوا شؤون الرعية ، فهم لهذا الأمر..(([كفئاً]))..ولهذا..(([العبء])).. حاملين فنحن في قوم لو مالوا عدلنا لهم كما يعدل السهم في الثقاف . يفعل المثقف المصلح وفق منهج الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . يفعل المثقف كل هذا وذاك وفق أدب وتأدب النصيحة الإسلامية .
كل تطور وتطوير في المدن الرئيسة يكون متهماً بالقصور منذ ولادته ما لم يرافق ذلك التطور والتطوير آليات إعلامية،تدعمه وتؤازره وتفسر سلوكه السلطوي ، الذي يزرع ذلك الفعل التطويري . ولا ينهض بالتطوير إلا .. [ العدل ].. في القرار السلطوي . وطبائع الحياة تقول أنه يوجد مستفيدون من ذلك .. العدل .. وبالطبع هناك المتضررون . ولكن المتضررون عادة أقل بكثير من المستفيدين . والمؤسف أن المتضررين هم الذين يخلقون .. [ الضجيج ].. الذي لا مبرر له . وذلك الضجيج هو الذي يؤثر على قرار التطور والتطوير والتنمية . مثال لذلك سيطر الكبار الفاعلون على مساحات واسعة بل شاسعة من الأراضي العامة ، والأرض هي مركز التطور والتطوير والتنمية ، فإقطاعي الأراضي هم حفنة منظمة ومؤثرة عالية الصوت والتأثير ، وهي التي أصبحت تتحكم في القرار والتنمية في المدن الكبرى لذلك سوف يجد المسؤول نفسه عاجزاً أمام أقطاعي الأراضي. الذين يعيقون التنمية والتطور . ولا يتحقق العدل والتطور والرقي والتنمية إلا بتحقيق . مرتكزات أهمها :
أ / : إصلاح فساد المحكومين .
ب /: إصلاح فساد الحاكم وبكل مستويات مسؤولية الحاكم . وهذا الإصلاح يتم باستئصال فساد المؤسسات . وإذا لم يتم تحقيق الإصلاح
فالحاكم متنور ، وواسع الطموح يريد فعل .. [ التطور ].. وهذا الفعل لا يكون إلا .. [ بالتغيير ].. ولا يستقيم .. [ التغيير ].. إلا استطاع الحاكم أن يكون قريبا من ..(( الرعية )).. ، وعلى الرعية أن تحسن الصدق في التعامل مع الحاكم بأن تكون ..[ مخلصة ].. و..[ صادقة ].. و..[ جرئية ].. و.. [ صريحة ].. مع الحاكم في كل سلوكياتها وأفعالها وأقوالها ومواقفها . وتقديم .. [ النصيحة ].. المعلنة والسرية هي من أهم مرتكزات تقوية العلاقة بين الحاكم والمحكوم . لذلك قال سيدنا عمر بن عبدالعزيز الخليفة الزاهد لوزيره رجاء بن حيوه : (( يا رجاء إذا وجدتني خرجت عن الطريق فقل لي : (( أتق الله يا عمر ))..!)).
عندما يكتب المثقف ما يكتب من رسائل إصلاحية لولي الأمر بهدف .. النصيحة .. لا يعني ذلك عدم قناعته بما يقوم به المسؤولين من إجراءات وخطوات وأعمال وقرارات من أجل أهداف التطوير والتنمية . بل العكس أنما يهدف من وراء ذلك مشاركة الحاكم تحمل المسؤولية ،ودعم كل ما يفعلونه . بفعل .. [التنبيه] .. لما قد يكون قد سقط سهواً من أفكار وأراء . لان الحكم الصحيح على التطوير يأتي بالمساهمة والمشاركة الفعلية مع صاحب القرار والمسؤولية . يفعل ذلك تطبيقاً لمقولة ( ألكسندر ديماس ) : (( الكل للفرد ، والفرد للكل )).
◙◙◙
أن النصيحة للحاكم تزكي المبادئ والقيم والمثل ، والنصيحة تبين وعبر تجاريب التاريخ . والدول تؤكد أن رجال الحكم متفاوتون في مدى قابلية قبول النصيحة والعمل بها أو رفضها . وهي تعتبر .. [ مقياس ].. من أهم مقاييس الحكم ، وأداة من أهم وأقوى وأفضل أدوات استيعاب الرعية . لان النصيحة هي التي تعطى للصواب والحكمة قوتها وقدرتها على الامتداد نحو الرعية .
أن تطوير وتطور وتنمية المدن الكبرى أصبح ..[ كرة ثلج ].. التي تكبر بسرعة عند كثير من المسؤولين التنفيذيين . كرة يدحر جونها في الطريق للتمسك بمناصبهم السلطوية . وهذا أمر لا يغيب عن عقل الحاكم المتنور والمثقف . فلذلك استهلكت هذه الكلمات سمعة ومكانة المسؤولين . فلا بد من حماية هذه المصطلحات الحضارية .
يريد المثقف مثل الحاكم أن تنهض وتنمو المدن والوطن على نبذ الأقوال والسلوكيات الكاذبة وفي مختلف تجلياتها . حتى نستطيع دعم .. [ الحراك ].. الذي يسعى له ولتحقيقه لأن مستوى التطلعات الشعبية مرتفع ، فالطموح العام لدى المجتمع بلغ مستوى يستحثها.
وعادة يكتب المثقف بمسافة طويلة وشاقة من الجرأة والصراحة ، والشفافية ،واحترام هيبة وتقدير مكانة الحاكم وقبلها سيطرت عليه أثناء الكتابة مبادئه وضميره وقيمه . وحب لوطنه وشبعه وعشقه لمسقط رأسه . فهو يشارك المسؤولية والهم والتحدي والوجع . ويقول للحاكم نحن معك ، ونقف بجوارك ، وبكل قوة وحزم وإصرار لتحقيق كل ما ينفع الوطن .أن الوطن تسرب إلى نصوص المثقف المصلح والوطني المختلفة منذ نعومة أظفاره . وتشربت عروقه بحبه وعشقه . وما ينتظر شئ مقابل ذلك ، إلا إرضاء ورضاء رب العباد .
وعادة يريد المثقف الوطني من الحاكم أن يضع في تفكيره .
1/: الفقير الجائع .
2/: المريض الضائع .
3/: العاري المجهود .
4/: المظلوم المقهور .
5/: الغريب المأسور واعني الوافدين .
فهؤلاء هم أول من سوف يسئل عنهم يوم القيامة من رب العباد . أرجو من القدوس السلام المؤمن أن يمن علينا ببصيرة نافذة ، وهدى قويم .
والله يسترنا فوق الأرض ، وتحت الأرض ، ويوم العرض وساعة العرض ، وأثناء العرض .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق