أديب وكاتب سعودي
.. [ القاعدة ].. الدينية أو العقدية . ولكن لم اقرأ ، ولم أطلع ، ولم أسمع ، حسب إمكاناتي المختلفة . أن هناك دراسات علمية واستخباراتية قد أجريت لدراسة .. [ إيديولوجية القاعدة ].. من الناحية الجغرافية والاقتصادية والثقافية . واعتقد ــ هكذا أزعم ــ أنه لو تم دراسة تلك العوامل لاستطاعت بعض الدول الغربية والعربية مقاومة ومعالجة أخطار .. ( القاعدة ).. من عدة مناحي . فكل الدراسات والتحليلات السياسية والعسكرية التي تقول أن القاعدة نشأت وقامت على أنقاض حرب الأفغانستان ضد المحتل والمستعمر الروسي . وهذا حقيقة هي جزء من الحقائق الأخرى .
أن التركيبة الجغرافية المعقدة جداً لأفغانستان وخاصة جبالها الوعرة والشاهقة الارتفاع ، ووجود الكهوف والمخابي التي تقاوم القصف العسكري هي من أهم الأسباب التي قوت من عناصر قوة القاعدة ، ومنحتها مناعة ومقاومة ضد أعدائها الغربيين . أي أن القاعدة وضعت استتراتيجيتها .. (([ بعناد صلب خارج الجغرافيا ]..،.
هذه الجغرافيا ، وأماكنها ، وحصانتها ، ومناعاتها ، وقوتها وصلابتها ، ومتانتها ، تكرر بنفس شروطها ومرتكزاتها في ..(( اليمن )).. فلم يفكر احد من المفكرين والمخططين الاستراتيجيين والعسكريين في الغرب ، بل حتى في الدول العربية ..(([ خطورة اليمن ])).. القادمة على أمن ووضع المنطقة العربية بصفة عامة ، وبخاصة المنطقة الخليجية . من تكوين وزراعة جيوب وخلايا لعناصر القاعدة في اليمن . فهي ــ في ظني ــ هكذا اعتقد إنها ستكون .. [ منبع الإرهاب ].. العالمي الجديد . فارض اليمن خصبة جداً لهذه المهمة ، بل أن أرضها وبعض شرائح شعبها لديهم ..(( قابلية خصبة )).. لتوليد ، وولادة ،وتخصيب الإرهاب العربي الجديد . ولعل من أدلة ذلك الخبر الذي انشر بجريدة عكاظ السعودية بعددها
( 15516 ) وتحت عنوان كبير (( استسلام أحد القادة الـ 4 لقاعدة الجهاد في جزيرة العرب )) حيث جاء في الخبر : (( سلم المطلوب امنياً محمد عتيق عويض العوفي نفسه أمس الأول للسلطات اليمنية في منطقة حدودية مع المملكة ، حسب تأكيدات مصادر أمنية يمنية ، التي أشارت إلى أنه جرى تسليمه أمس للجهات الأمنية في المملكة تنفيذا للاتفاقية الأمنية بين البلدين . ووضعت وزارة الداخلية العوفي ضمن قائمة تشمل ( 85 ) مطلوبا امنيا أعلنتها في 7/2/1430هـ. وكانت المملكة استعادته من معتقل جوانتانامو قبل نحو عامين ، وخضع مثل رفاقه لبرامج المناصحة التي اعتمدتها الجهات المختصة لجميع العائدين لتأهيلهم لإعادة انخراطهم بشكل طبيعي في المجتمع ، وتم الإفراج عنه ، إلا أنه ظهر مؤخرا في شريط فيديو كأحد قيادات تنظيم القاعدة في اليمن .
وقبل عدة اشهر اعلن تنظيم القاعدة ظهوره بمسمى جديد ( قاعدة الجهاد في جزيرة العرب ) ، مؤكد البدء في استئناف نشاطاته انطلاقا من الاراضي اليمنية بعد تنصيب ناصر الوحيشي اميرا له وسعيد الشهري نائبا له ، إلى جانب القياديين محمد العوفي وقاسم الريمي ، والاربعة مدرجون في قائمة المطلوبين الـ (( 85 )) عطاظ 13/2/1430هـ. ))
وفي خبر اخر نشر بجريدة المدينة السعودية بعددها ( 16767 ) جاء فيه : (( رصد اليمن أمس مكافأة مالية نظير الإدلاء بمعلومات تؤدي لاعتقال 12 شخصا يقول إنهم يخططون لشن هجمات جديدة . ونشرت صحيفة 26 سبتمبر الأسبوعية التابعة لوزارة الدفاع اليمنية صور 12 يمنيا تترواح أعمارهم بين 18 و 29 عاما وقالت الداخلية اليمنية في بيان لها أمس أن هذه المجموعة من عناصر تنظيم القاعدة ويجرى تعقبهم من قبل السلطات اليمنية )) .
وأيضا نشر خبراً بالصفحة الأولى بجريدة الشرق الأوسط بعددها ( 11116 ) وتحت عنوان / مغارة الجنوب السعودية .. القاعدة على الطريقة الأفغانية ، جاء في الخبر : (( ما بين حلم أحياء التجربة الافغانية ، والتخطيط لمهاجمة مصالح السعودية ، تأرجحت اهتمامات ما باتت تعرف بـ (( خلية مغارة الجنوب )). التابعة لتنظيم القاعدة ، التي عطلت السلطات السعودية نشاطها مطلع ابريل ( نيسان ) الماضي ، وكشفت عن وجود ارتباطات خارجية لها مع مجموعات مسلحة تنشط على الاراضي اليمنية . وتقع مغارة خلية الجنوب المفككة ، على بعد ساعتين من مدينة ابها ، وهو الوقت الذي استغرقته الشرق الأوسط للوصول إلى المنطقة الجبلية الوعرة ، التي لا يمكن الدخول إليها إلا عبر سيارات الدفع الرباعي .
ومما يعزز وجود رغبة لدى خلية المغارة لإعادة إحياء تجربة أفغانستان في سلسلة جبال السروات الوعرة ، إلقاء القبض على المطلوب سعيد مقبول العمري ، ضمن الخلية المفككة ، وهو أحد المطلوبين على قائمة كانت تضم 26 إرهابيا خطر ، ممن سبق لهم القتال في صفوف القاعدة على الأراضي الأفغانية ، وكانت تبحث عنهم السعودية بعد ما بات يعرف بتفجيرات 12 مايو ( أيار ) الشهيرة ، التي استهدفت مجمعات سكنية يقطنها غربيون وعرب .
وعلمت (( الشرق الأوسط )) أن من بين ما تحفظت عليه سلطات الأمن في المغارة ، بزات وخوذات عسكرية ومطلات ( باراشوت ) لتأمين هبوط العناصر الإرهابية للسهول ، في حال تمكنوا من نقل معاركهم التي كانوا ينوون الدخول فيها مع أجهزة الأمن لقمم الجبال .
ويمكن القول إن مغارة الجنوب ، كانت قريبة نسبيا من المنطقة الحدودية الفاصلة بين السعودية واليمن ، حيث يوجد في هذه الاخيرة قرابة 26 مطلوبا تطاردهم الرياض ، لضلوعهم في انشطة متفرقة لتنظيم القاعدة ، ضمن 85 آخرين موزعين على الأراضي الايرانية والعراقية واللبنانية والسورية . وتطل المرتفعات الجبلية ، التي استغل عناصر الخلية الارهابية أحد مغاراتها ، بحسب واحد ممن رافقوا (( الشرق الأوسط )) في هذه الزيارة ، على القرية التي يسكنها سعيد الشهري ، وهو أحد من استعادتهم الرياض مؤخراً من غوانتاناموا ، وواحد من 4 ظهورا في شريط فيديو لتنظيم القاعدة في اليمن يهدد بهجمات ضد السعودية )). هذه بعض الأدلة التي تؤكد صحة رأيي واستنتاجاتي .
ان الأجهزة الاستخباراتية والعسكرية لم تدرس جيداً أن .. (( القاعدة )).. تستغل مواقع جغرافية ينمو فيها ..(([ الفقر ]))..المولد .. [ للبطالة ]..،. أن منظروا ، ومفكروا ، القاعدة يعملون على تأسيس دولتهم في المناطق الفقيرة ، باستغلال أبنائها مادياً والصرف عليهم ، والإنفاق على عوائلهم ، وإخضاعهم لقوة غسيل الأدمغة والأفكار .
والحقيقة التي لا بد أن اذكرها هنا أن القاعدة استطاعت فعلا أن تعمل وتقوم بعمليات قوية ومؤثرة ، لم تستطع دول منظمة ومستقلة فعلها . وفعلت فعل التأثير على كثير من الشعوب بأفعال ومؤثرات لم تستطع دول فعلها .
أريد أن أقول من خلال هذا التحليل السريع أن أرض اليمن المعقدة جغرافيا ، وان أرضها تشبه الى حد بعيد جداً أراضي وجبال أفغانستان ، وتحمل نفس صلابتها وقوتها ومتانة صخورها والمقاومة للضرب العسكري . وان الفقر الكبير في اليمن هما أهم العوامل والمرتكزات التي تعتمد عليها القاعدة لبناء دولتها المزعومة .
لذا فأنني اقترح أن تعقد قمة عربية ، وأخرى خليجية يشارك فيها الخبراء الاستراتيجيين والعسكريين والجغرافيين والاقتصاديين لدراسة أوضاع اليمن من كل هذه المناحي . وإيجاد حالات مقارنة بينها وبين أفغانستان وباكستان . للعمل الجاد لإيجاد الحلول المنطقية والعلمية والواقعية والعقلانية التي تعالج وتقاوم المشكل قبل وقوعه .
على العقلاء في الخليج والعالم أن يعملوا بإخلاص وجدية واهتمام كبير لمساعدة اليمن في تأسيس وقيام .. [ عمليات نتمية شاملة ].. لكل مناطق اليمن وعلى كل جهاته الأربعة . فان عمليات التنمية الشاملة تساعد على القضاء على ..(( الفقر )).. وبالتالي يمكن القضاء على البطالة . باعتبار البطالة في ـــ اعتقادي ـــ أهم العوامل ونقاط الضعف التي تستغلها القاعدة لكي ينخرط الشباب في صفوفها .
أن .. [ فعل التنمية ].. هو المخرج الهندسي والعقلاني للقضاء على تواجد .. ( القاعدة ) .. في اليمن والقضاء على خطرها . بدلاً من العسكر وأفكارهم وقنابلهم ودباباتهم وطائراتهم وسفنهم الحربية . فالجهد العسكري لن يحل مشكل القاعدة ، بقدر ما يكون الحل في
.. ( الجهد التنموي ) .. للقضاء على الفقر والبطالة والجهل ، الذي ما زال يسيطر على ارض وإنسان اليمن . ومن يشكك في خطر اليمن القادم ، فعليه أن يراجع الأخبار الإعلامية والصحافية والعسكرية التي تشير إلى إلقاء القبض على الكثير من عقول وعناصر القاعدة في اليمن . وخاصة الهاربين من المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول العربية .
يا أهل العقد والربط والحل !. ويا أهل الفكر السياسي المتزن ، ويا أهل الخطط الإستراتيجية فكروا بواقعية وعقلانية فيما طرحته أمامكم من أفكار قابلة للأخذ والعطاء.
وما نصرفه على شراء الأسلحة والعتاد الحربي . أن من الأفضل أن نصرفه لتعليم وتنمية الإنساني في اليمن . أن الفقر يملك قدرة صناعة أقنعة الزيف والخداع مما يجعل مؤثرات التحول غير مضبوطة . وذلكم أمر يفرض علينا أن يتعامل الجميع وفق مواصفات المحتمل . وعلينا أن نحسب ونفهم اعتبارات الخصوصية والعمومية والانفتاح والانغلاق التي تظل فواصلا بينهما .
لا يجوز للأمة العربية وبخاصة المنطقة الخليجية الاستخفاف بقيمة الإيديولوجية
.. ( اليمنية ).. كموجه ، بل يجب تحديد ضررها . كما أتمنى فهم عدم التنازل عن مرجعيات اليمن القديمة وهو أمر ليس بالسهل ، مقابل قبول مرجعيات الجديد خاصة غير غائب عن الجميع أن المحتوى الثابت للصراع القبلي اليمني هو الأفكار التي تستمد وجودها من تراتبية الزمن . وارى أن تفعيل قيمتها سارية المفعول حتى الآن . والزمن في اليمن هو الذي يتحكم في بقائها أو فنائها .
فالمؤسف أن الأجهزة الاستخباراتية العالمية لم تفهم رسم الخارطة الإدراكية اليمنية . ولم يدرسوا ، ولم يفهموا إدراك ما هيات الأشياء كما يقتضيها الواقع في اليمن وما يحيط به. وهناك مظاهر جاهزة للاستدلال على وجود ذلك الخطر ، فلا بد من معرفة حزمة البيانات ، وتحديد مستوى الانفعالات أو انفلاتها في الإنسان اليمني ، ولا بد من فهم كيفية صياغة المواقف في الذات اليمنية .
ولكي نبدأ في وضع المعالجات والحلول لتحديد خارطة الخطر ، فعلينا فهم مدركات الجماعات الدينية اليمنية ، ولا بد من استقرار مستفيض للمكان الجغرافي كونه المحول الأول لتصورات الفرد ، والصانع الأول لرؤيته ، والمنتج الأول لأفكاره .
كل شيء في المكان الجغرافي ذو الجبال والتضاريس المعقدة مثل تضاريس اليمن ، فالجبال تختلف عن غيرها في الاعتقادات ، والتصورات ، والمفاهيم والقيم والأخلاق والعادات. . وكلها ترتبط عند الإنسان ..(( بالثبات ])).. والثبات عادة يكون أداة قياس لمعرفة المستقبل .
والعناد ، واحسبه من أهم محتويات الوعي عند الإنسان اليمني . وهذا ما يجعلني أقول أن اليمن هو المعمل المناسب لاحتمالات الخطر القادم للمنطقة كلها . لعدم توفر التنمية ، وعدم إمكانية فرض ضوابط لتهجين قناعات قبائل اليمن . وخاصة منظومة الأمزجة أو الأخلاق . وقبل كل هذا وذاك علينا أن نفهم تأثير الثروة والتعليم والغذاء في تغير إنسان اليمن . ولا بد من فهم الثابت والمتغير في الفكر القبلي اليمني . فلا يمكن الوقوف على حلول جديدة للمشكل حتى يحاط بإشكاليات الواقع .
ان المجتمع اليمني الفقير ، يملك قدرة مجهزة بأسلحة تقف لمكافحة التطور والتطوير والتنمية . فلذلك فهو يجبر للخضوع لضغوطات القاعدة وعناصرها . وفي الوقت ذاته يمتلك ذلك الإنسان اليمني المضلل قدرات تكتيكية عالية لمواجهة الدول .
أن زبده وأساس الكلام الذي أريد أن أقوله لكم هي أن الإنسان اليمني الفقير أصبح يباع ويشترى كالسلع المعدة للبيع والشراء . فهو يتبع المال أينما كان . وبالمال استطاعت القاعدة أن تجبر الكثير من الشباب اليمني وغيره للخضوع والاستسلام لأفكارها وإيديولوجيتها الإرهابية . وقع كل هذا المشكل بسبب .. [ الجهل ].. فالجهل هو أهم معوقات التغيير والتنمية . لا بد أن نعي الوعي التاريخي لهذا المشكل وما يرتبط به ، وما يستدعيه الثابت والمتغير في قوانين السياسة الدولية فاختلاف الواقع يحتم اختلاف الحلول ، وبالتالي لا يمكن الوقوف على حلول جديدة حتى يحاط بإشكاليات الواقع الجديد الذي تعيشه اليمن اليوم . وعلى المخططين الاستراتيجيين في الشأن اليمني عليهن أن لا يغفلوا إن الدين يمثل هوية المجتمع اليمني ، وموجه مساراته ، إن سلبا وإن إيجاباً .
والله يسترنا فوق الأرض ، وتحت الأرض ، ويوم العرض وساعة العرض ، وأثناء العرض .
للتواصل :5366611
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق