►العمل في مكة المكرمة جهاد◄

بقلم : الدكتور زهير محمد جميل كتبي

قيمة وأهمية ووزن ومكانه وقدر العمل في مكة المكرمة والإخلاص والتفاني فيه . استمد أهميته وقوته من قراءاتي الخاصة للتراث الإسلامي . وأول تلك الاستدلات الإسلامية المهمة ، والتي افسرها وأستنج منها العديد والكثير من العبر والمواعظ والمواقف . انها قصة تعين سيدنا عتاب بن اسيد رضي الله عنه .. [ امير لمكة المكرمة ].. في عهد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بأمر من السماء . فإليكم القصة في هذا الموضوع . استدلال بما ورد في تلك المصادر التاريخية .
ما ورد في كتاب شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام ، تأليف الإمام العلامة الحافظ ابي الطيب تقي الدين الفاسي المكي المالكي ، وفي الجزء الثاني منه ، حيث ذكرفي صفحة ( 163 ) التالي : ..(( راى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام اسيد بن ابي العيص واليا على مكة المكرمة مسلما فمات على الكفر وكانت الرؤيا لولده عتاب حين اسلم ، فولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة هو ابن احد وعشرين سنة )).،.

(( وذكر الازرقي ما يوهم ان لتوليه النبي صلى الله عليه وسلم عتاباً على مكة المكرمة سببا غير السبب الذي ذكره السهيلي لانه قال : حدثني جدي قال : حدثنا عبدالجبار بن الورد المكي قال : سمعت ابن ابي مليكة يقول : ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : لقد رأيت اسيداً في الجنة وأني يدخل اسيد الجنة فعرض له عتاب بن اسيد فقال : هذا الذي رأيت ادعوه لي فدعى له فاستعمله يومئذ على مكة ثم قال لعتاب : اتدري على من استعملتك ؟. استعملتك على أهل الله . فاستوص بهم خيراً يقولها ثلاثاً )).. ، لذلك اجتهد بعض العلماء والفقهاء في القول بان .. [العمل].. او بمعنى أدق من تولى اى نوع من ..[ المسؤولية ].. وبمختلف مستوياتهم ، في مكة المكرمة هو أعلى قيمة ودرجة من .. الجهاد ..،. استنتج هذا من قصة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مع سيدنا عتاب بن أسيد ، حين جاء سيدنا عتاب للرسول صلى الله عليه وسلم وطلب منه أن يجاهد معه في إحدى المعارك، فقال له عليه السلام فيما معناه : لقد وليتك على جيران الله يا عتاب!. وأي نعمة ومكرمة أفضل من هذا الكرم الإلهي ، والتكريمي الرباني لأهل مكة المكرمة . أي أن العمل في مكة المكرمة ..[ارقي درجة ].. من الجهاد.

أفكر هنا في معايير وأسس القداسة بالنسبة لمكة المعظمة ، والبيت المعمور ، ومقام إبراهيم، قداسة وتميز وتفرد ، لا يتم التعبير عنها بشكل ذاتي. بل ضمن إطار ما يعبر عنه كبشر وأناس. فهنئاً لنا نحن أهل مكة المكرمة بهذا التميز والتفرد .

تنبه يا أخي المتلقي ان .. [ العمل ].. في مكة المكرمة هو نوع من أنواع .. القداسة ..،. بل يكاد يكون حكراً وتميزاً وتفرداً ، في هذا الجانب . فلم اعرف مدينة في الأرض خصها الله بتعين أميرها من السماء. ولم اعرف حسب اطلاعاتي وقراءاتي ان العمل في أي مدينة يتساوى مع..[ الجهاد ].. في الإسلام إلا في مكة المكرمة فأي ميزة أفضل من هذه الفضائل الكبيرة والحسنة .

وما أكثر النصوص التي وردت في أفضلية وتميز مكة المكرمة بكثير من الفضائل ، فعندما نكتب عن جانب من الجوانب فإنما نهدف الى .. [ الإشارة ].. و .. [ التذكير ].. و .. [ التنبيه ] .. دون الإفاضة . لقد ارتفعت مكة المكرمة الى ذروة الأفضلية والتميز والتفرد على سائر مدن الكون كله . خاصة عندما وضع الله الرحمن الرحيم بيته المعمور والمعظم في مكة المكرمة . ومكة هي البلد الوحيد الذي أقسم به الله جلت قدرته حين قال : ((لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ)سورة البلد 1 .
قال الله ذلك كله لنا حتى تستشعر النفوس المؤمنة الهائنة المستقرة السوية بحرمة وعظمة وقداسة هذا البلد الحرام . ومعرفة أنها البلد الوحيد الذي اختصه سبحانه وتعالى بمزايا وفضائل تجعل له في قراره كل المسلمين حرمة العظيم ، ومنها تميز وتفرد من يعمل بهذا البلد المحرم والمكرم والمميز . فينبغي ، بل يجب على من تولى اى نوعاً من المسؤوليات ان يحسن الأدب مع نفسه فيها ، وان يحسن الأدب مع أهلها المباركين والطيبين والضعفاء ، كما وصفهم الإمام . المؤرخ الطبري حين قال عنهم : ((الضعفاء الأقوياء )) . فعلينا جميعا ان نحسن الأدب والتعامل فيها ومعها .

والله يسترنا فوق الأرض، وتحت الأرض ، ويوم العرض ، وساعة العرض ، وأثناء العرض
.

للتواصل :5366611
Faranbakka@yahoo.co.uk

ليست هناك تعليقات: