سيدي الأجل : حضرة صاحب السمو الملكي أمير منطقة مكة المكرمة الأمير المثقف المتنور / خالد الفيصل حماه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أما قبل
سيدي : أدامكم الله لخدمة مصالح البلاد والعباد .
سيدي : يقول : إسماعيل بن عمرو بن سعيد بن العاص ، والذي اشتهر بلقب الأشدق : (( إني لأستحي من الله أن أخشى معه أحداً )) .
يقول سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك الصالح عبدالله بن عبدالعزيز في خطابه السياسي يوم افتتاح أعمال السنة الرابعة من الدورة الرابعة لمجلس الشورى عام 1429هـ : (( ما ترددت يوماً في توجيه النقد الصادق لنفسي إلى حد القسوة المرهقة )). وقال أيضا : (( الحرية تكون في التفكير والنقد الهادف المتزن )).
أدرك يا سيدي بفهم وتفهم كبيرين مستوى الطموحات الضخمة والأماني الواسعة التي يعيشها المثقف والمتنور خالد الفيصل ، للرقي والارتقاء بمستوى مكة المكرمة . والنهوض بالخدمات العامة بها . وأنت يا سيدي وبحكم تجاريبك الطويلة والعميقة في أروقة ودهاليز السياسة تملك الرأي الرشيد ، وسديد الفعل السياسي ، وحكيم في فكرك . وملأت رأسك بكثير من معارف العصر ، وأنت صاحب رؤية لها أعتبارها . وتتمتع ببعد نظر . بل تعرف معظم طبائع الناس ، وتستوعب وسوسة الشيطان ممن حولك من البطانة . لما فيك من دهاء وفطنة . وهذه المقومات تساعدك على قبول .. [ النصيحة ].. واستيعابها في حالة قبولها مني . فأني لك ناصح أمين.ورأي غير ملزم لأحد . وأحبك في الله ، فاقبل نصيحتي لك ، نفع الله بك . ووفقك لما تحب وترضى.
سيدي : إنك توليت مسؤولية عظيمة عندما وليت حاكم مكة المكرمة ، وأنت لهذا الأمر ..(([ كفئاً ]))..ولهذا..(([ العبء ])).. حاملاً فأنت يا سيدي في قوم لو ملت عدلناك كما يعدل السهم في الثقافة . لمعرفتي أن من في عمرك يفكر في الآخرة . نفعل ذلك مع سموكم الكريم وفق منهج الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . أفعل كل هذا وذاك وفق أدب وتأدب النصيحة الإسلامية .
سيدي : مثلكم ـــ يا رعاكم الله ـــ يدرك أن ..(([ الاختلاف ])).. من سنن الله في هذا الكون العظيم ، وهو من طبائع البشر . فلقد أختلف بعض الأنبياء مثل اختلاف سيدنا سليمان ، وسيدنا داود عليهما السلام في الحكم النهائي على الامين المدعيتين أمومة الطفلة وقصتها الشهيرة . حتى أن الصحابة الأجلاء الفضلاء رضوان الله عليهم أجمعين اختلفوا ، واختلفوا في كثير من المسائل الشرعية والفقهية والحياتية والمعاملاتية . مثال ذلك الخلاف الشهير بين الخليفة الراشد سيدنا ابو بكر الصديق وسيدنا عمر رضي الله عنهما في قضية المرتدين عن دفع الزكاة وكيفية التعامل معهم . ولا يفوتنا أيضا أن أشير أن الملائكة اختلفوا فيما بينهم حيث اختلفت ملائكة الرحمة وملائكة العذاب على مصير الرجل الذي قتل مائة نفس بشرية . أريد من خلال هذا المدخل أن أقول لمقامكم الرفيع أننا قد .. [ نختلف ].. مع مقامكم في وجهات النظر والآراء والأفكار والإجراءات ، ولكن في الأخير ..(([ نتفق ])).. مع سموكم الكريم على ..(([ مصلحة ومحبة وتعظيم مكة المكرمة ]))..،. على أن نقدم في اختلافنا القاعدة الذهبية التي وضعها الشيخ المفكر الكبير محمد رشيد رضا والتي تقول : (( نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعض فيما اختلفنا فيه )).
كل تطور وتطوير في المدن الرئيسة يكون متهماً بالقصور منذ ولادته ما لم يرافق ذلك التطور والتطوير آليات إعلامية،تدعمه وتؤازره وتفسر سلوكه السلطوي ، الذي يزرع ذلك الفعل التطويري . ولا ينهض بالتطوير إلا .. [ العدل ].. في القرار السلطوي . وطبائع الحياة تقول أنه يوجد مستفيدون من ذلك .. العدل .. وبالطبع هناك المتضررون ، ولكن المتضررون عادة أقل بكثير من المستفيدين . والمؤسف أن المتضررين هم الذين يخلقون .. [ الضجيج ].. الذي لا مبرر له . وذلك الضجيج هو الذي يؤثر على قرار التطور والتطوير والتنمية ، مثال لذلك سيطر الكبار الفاعلون على مساحات واسعة بل شاسعة من الأراضي العامة ، والأرض هي مركز التطور والتطوير والتنمية ، فإقطاعي الأراضي هم حفنة منظمة ومؤثرة عالية الصوت والتأثير ، وهي التي أصبحت تتحكم في القرار والتنمية في مكة المكرمة لذلك سوف تجد نفسك عاجزاً أمام أقطاعي الأراضي. الذين يعيقون التنمية والتطور .
سيدي : لا يتحقق العدل والتطور والرقي والتنمية إلا بتحقيق . مرتكزات أهمها :
أ / : إصلاح فساد المحكومين .
ب /: إصلاح فساد الحاكم وبكل مستويات مسؤولية الحاكم . وهذا الإصلاح يتم باستئصال فساد المؤسسات . وإذا لم يتم تحقيق الإصلاح فان ..[ العدل ].. لا ينمو ، وربما لا يتكون . وأهم مسؤوليات الحاكم هي تطبيق العدل المجتمعي .
سيدي : أنت كحاكم متنور ، وواسع الطموح تريد فعل .. [ التطور ].. وهذا الفعل لا يكون إلا .. [ بالتغيير ].. ولا يستقيم .. [ التغيير ].. إلا إذا استطاع الحاكم أن يكون قريبا من ..(( الرعية )).. ، وعلى الرعية أن تحسن الصدق في التعامل مع الحاكم بأن تكون ..[ مخلصة ].. و..[ صادقة ].. و..[ جريئه ].. و.. [ صريحة ].. مع الحاكم في كل سلوكياتها وأفعالها وأقوالها ومواقفها . وتقديم .. [ النصيحة ].. المعلنة والسرية هي من أهم مرتكزات تقوية العلاقة بين الحاكم والمحكوم. لذلك قال سيدنا عمر بن عبدالعزيز الخليفة الزاهد لوزيره رجاء بن حيوه : (( يا رجاء إذا وجدتني خرجت عن الطريق فقل لي : (( أتق الله يا عمر ))..!)).
سيدي : عندما أكتب إليكم ما أكتب من رسائل إصلاحية بهدف .. النصيحة .. لا يعني ذلك عدم قناعتي بما تقومون به من إجراءات وخطوات وأعمال وقرارات من أجل أهداف التطوير والتنمية . بل العكس أنما أهدف من وراء ذلك مشاركتكم تحمل المسؤولية ،ودعم كل ما تفعلونه. بفعل..[التنبيه].. لما قد يكون قد سقط سهواً من أفكار وآراء.لان الحكم الصحيح على التطوير يأتي بالمساهمة والمشاركة الفعلية مع صاحب القرار والمسؤولية. أفعل ذلك تطبيقاً لمقولة ( ألكسندر ديماس ): (( الكل للفرد، والفرد للكل )).
۞
سيدي : أن النصيحة للحاكم تزكي المبادئ والقيم والمثل ، والنصيحة تبين وعبر تجاريب التاريخ . والدول تؤكد أن رجال الحكم متفاوتون في مدى قابلية قبول النصيحة والعمل بها أو رفضها . وهي تعتبر .. [ مقياس ].. من أهم مقاييس الحكم ، وأداة من أهم وأقوى وأفضل أدوات استيعاب الرعية . لان النصيحة هي التي تعطى للصواب والحكمة قوتها وقدرتها على الامتداد نحو الرعية .
سيدي : أن تطوير وتطور وتنمية مكة المكرمة أصبح ..[ كرة ثلج ].. التي تكبر بسرعة عند كثير من المسؤولين التنفيذيين . كرة يدحر جونها في الطريق للتمسك بمناصبهم السلطوية . وهذا أمر لا يغيب عن عقل أمير متنور ومثقف مثلكم . فلذلك استهلكت هذه الكلمات سمعة ومكانة المسؤولين فلا بد من حماية هذه المصطلحات الحضارية.
نريد مثلكم ــ يا سيدي ـــ أن تنهض وتنمو هذه المدينة المقدسة المعظمة على نبذ الأقوال والسلوكيات الكاذبة وفي مختلف تجلياتها . حتى نستطيع دعم .. [ الحراك ].. الذي تسعى له ولتحقيقه . لأن مستوى التطلعات الشعبية مرتفع ، فالطموح العام لدى المجتمع بلغ مستوى يستحثها .
سيدي : مرفق بخطابي هذا مقال صحافي ، كنت أرغب في نشره ، ولكن خشيت من الحذف أو المنع . فقررت أن أتجه به إليكم للإطلاع عليه . فإذا وجدتم ـــ رعاكم الله ـــ فيه مصلحة فأتمنى أن يستفاد منه .
كتبته بمسافة طويلة وشاقة من الجرأة والصراحة،والشفافية،واحترام هيبتكم وتقدير مكانتكم وقبلها سيطرت عليّ أثناء كتابتي مبادئي وضميري وقيمي . وحب وطني وعشقي لمسقط رأسي مكة المكرمة . فنحن نشاركك المسؤولية والهم والتحدي والوجع .
نحن معك ، ونقف بجوارك ، وبكل قوة وحزم وإصرار لتحقيق كل ما ينفع مكة المكرمة وأهلها المباركين .
سيدي : أن مكة المكرمة تسربت إلى نصوصي المختلفة منذ نعومة أظفاري . وتشربت عروقي بحبها وعشقها . وما أنتظر شئ مقابل ذلك ، إلا إرضاء ورضاء رب مكة المكرمة ، ورب الكعبة المعظمة . لقد قتلت معظم شهواتي الدنيوية ، ولكن لن تفاجئون بمطالب مني شخصية . وأكتب إلى مقامكم الرفيع وأنا أستنشق الهواء الطلق والنقي .
سيدي : خلاصة رسالتي أو مقالي لمقامكم الرفيع أن تفكر في :
1/: الفقير الجائع .
2/: المريض الضائع .
3/: العاري المجهود .
4/: المظلوم المقهور .
5/: الغريب المأسور واعني الوافدين .
فهؤلاء هم أول من سوف تسئل عنهم يوم القيامة من رب مكة المكرمة .
أرجو من القدوس السلام المؤمن أن يمن عليك ببصيرة نافذة ، وهدى قويم .
فأرجو التفضل بالإطلاع .
والله يسترنا فوق الأرض، وتحت الأرض، ويوم العرض، وساعة العرض، وأثناء العرض.
المخلص في الطاعة
الكاتــــــب الصحافــــي
الدكـــــتور: زهير محمد جميل كتبي
هواتف : منـــــــزل : 5366611 فاكس : 5377141 جــــــوال : 0551566611
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق