أديب وكاتب سعودي
المشكل في منطقة الخليج أن الخليجيين عرفوا .. [ المثقف ].. بالدور الثقافي أو الاجتماعي أو التنويري أو الإصلاحي الذي يقوم به ، لا بالفكر الثقافي الذي يحمله في دماغه . وظل المجتمع الخليجي وأناسه يعتقد ــ خاطئاً ــ انه لا بد أن يتصف ذلك ..(( المثقف الخليجي )).. بالحكمة والمعرفة والتواضع والتسامح ، الذي هو من شيم الإنسان العربي الأصيل . والواقع عكس هذا التصور .
ولكن كان .. [ للضغط السياسي ].. دوره الكبير في تشكيل شخصية ..(([ المثقف الخليجي])).. وتكوين ذاته . كان لا بد لذلك المثقف أن يتحلى بالشجاعة والجرأة والصراحة ليعبر عن قيم وأخلاق ومبادئ دينية ، دون أن يضطرب أو يتأثر بضغوطات .. [ المال والمنصب والجاه ].. والمؤسف ــ حقا ــ أن بعض المثقفين لا يكن الاحترام والتقدير لبعض .. [ أخلاقيات الثقافة ]..،. أن الإنسان مدفوع حسب طبائع الأمور إلى أن ينتقد أخاه الإنسان ويتنافس معه ، هذه المهمات الصعبة والشاقة وأعنى بها ..(( النقد )).. هي أهم مسؤوليات المثقف النظيف والحر . ليسمو بنفسه إلى مكانات مميزة في المجتمع .
فلهذا يعتبر الكثير من الناس أن .. المثقف .. هو .. [ مرسى الأمان ].. يرسو إليه في حالة الخوف والإرهاق والتعب . يعتقد المجتمع ذلك لما يملكه المثقف من إدراكات العقل وأحكامه . فالكل ينظر إلى المثقف بتلك العين البصيرة أي عين المثقف . وإني على يقين بأن المثقف هو من يخاطب الضمير حين يكتب وينتقد ويصلح . فيكون صاحب موقف وقضية وعلى الرغم أنني اقدر حق التقدير بعض نفسيات المثقفين السلطويين وأتفهم أدوارهم وأدرك مقاصدهم وما يقومون به من تخريب العلاقة بين .. [ الحاكم ].. و .. [ المحكوم ]..،.
فانا لا أريد من المتلقين أن يظنوا ، ولو للحظة واحدة ، أن الثقافة تخون مسؤولياتها وواجباتها ومبادئها ، بسبب ذلك النوع من المثقفين السلطوين ولكن الذي نعيشه في منطقنا الخليجية العربية انه لدينا ..(([ مثقفون مفسدون ]))..،. بل انهم ناقلين للفساد ، وليس لدينا ..(([ ثقافة فاسدة ])).. ،. وكم هو مؤثر في النفس ان نحكى هذا الحكى المؤلم والقاسي على النفس ، وربما يسبب لي هذا الحكى كثيرا من القلق والتحسب من غضب الكثير من الزملاء المثقفين ، ولكنها الحقيقة التي لا استطيع تجاوزها أو أن اعمل على اخفائها . خاصة بعد أن شاهدت احد المثقفين الخليجين في حوار على إحدى الفضائيات وعبر برنامج .. [ حوار هاني ]..،. يقول لمحاوره بعد أن سأله عن سجن المثقف والكاتب والقمع في المنطقة ، قال ذلك المثقف : يا أخي نحن أفضلي من غيرنا في هذا الجانب ، فانظر لمن حولك من الدول المجاورة وما فيها من سجون وقمع ... الخ.
يا سلام على هكذا مثقف يبرر الجريمة ، بأخرى ، بل انه ينظم ويبرر جرائم الحاكم ضد المثقف ولكنه يعترف بما لدينا من سجون سياسية وقمع سلطوي .
بيد انه يخفف من خطورتها ، فيدعي باطلا أننا أحسن من غيرنا . سبحان الله حتى في مدحنا لتميزنا في انتهاك حقوق الإنسان و نميزها ، وندعي أننا أفضل من غيرنا في ارتكاب الجرائم والقمع ضد المثقفين والكتاب .
لقد اغدقت على هذا النوع من المثقفين السلطويين الكثير من الأموال والمغريات العصرية. فأصبح قارداً على الانتقال بين كل المسارات بل انه يجيد فن القفز فوقها وبمهارات عالية . فأصبح يدافع عن .. [ الحاكم ]..،. بطريقة جنونية ومتهورة ومكشوفة .
أن الحكمة وحدها هي القادرة على أن تكشف لنا تلك الحقائق التي يعمل المثقف السلطوي الخليجي على إخفائها . والتي لا تقبل أن تكون موضع السؤال أو التخطيط .
لكن تلك التصرفات والسلوكيات واللقاءات والندوات التي يقوم بها .. المثقف السلطوي .. تؤدي إلى إشكال مختلفة من إشكال .. [ الرياء السياسي ].. و .. [ النفاق الثقافي ].. هؤلاء المثقفين من أهل الشطط . فهذا هو تطرف المثقف !.
علينا مجابهة هذا التطرف الثقافي !.
انه يجب علينا أن نعمل متحدين على أساس مبادئنا وأخلاقنا وقيمنا الإسلامية والثقافية . للتصدي لهذا النوع من المثقفين السلطوين المتطرفين . والذين يسيئون لأنفسهم ، ولأهل الثقافة ، ولأهل الإصلاح ، وقبلها يسيؤون لعقيدتنا الإسلامية التي تنهى عن هذا النوع من النفاق والرياء .
ندعو لتقديم صوت الاعتدال ، وان نلتزم بطاعة قيم ومبادئ وأخلاق .. [ الثقافة ]..،.
وفي المقابل أتمنى على كل .. [ مثقف سلطوي ].. أن يتخطى الذات ويسمو على الأنانية ، ويحد من شهواته ، ويترفع عن عبادة .. [ النظام الحاكم ].. وان يضع ضميره حين يتحدث أو يكتب أو يرى . وان يملك خاصية تفهمه للآخرين واحترام عقولهم ، وعدم الاستخفاف بها . وان يحترم وجهات نظر الغير من أهل الثقافة والفكر .
كل ذلك أو بعضه إن فعله فهذا يعني انه يؤمن بحق الآخرين ، وان يحترم القيم والمبادئ والمثل ، الإسلامية . والتي تميز وترتقي بصاحب العقل الحكيم .
أقول من حق .. المثقف السلطوي .. أن يتكيف مع ثقافة السلطة والسلطان ويحترم نزعتهما الضيقة ، ولكن ليس من حقه أن يغضب حين يرفضه المجتمع وبكل قيمه الثقافية السلطوية . وان سار في هذه الدروب السلطوية فغالباً ما سيجد نفسه مستبعد من حسابات المجتمع وأهل الثقافة . فيصبح ــ عنذاك ـــ في عداد مالا يمكن قياسه ووزنه . ولذا فهو يسقط تلقائياً من حسابات الجميع . فلا يكون له وزن ، ولا يكون له قياس اجتماعي مميز . هذه حالة من حالات المثقف الخليجي السلطوي .
والله يسترنا فوق الأرض ، وتحت الأرض ، ويوم العرض وساعة العرض ، وأثناء العرض .
للتواصل :5366611
Faranbakka@yahoo.co.uk
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق