ما شئت لا ما شاءت الأقــدار واحكم فأنت الواحد القهار
واليوم عادت إلينا ظاهرة .. [ تاليه وتصنيم الحاكم ].. ولكن بأساليب عصرية حديثة وبأفكار أكثر امتهانه للأمة والإنسان ، وخاصة في مواقع العقول المفكرة . منها فعل ..(([ التصفيق ]))..،حين تصفق الأمة أو الشعب للحاكم أو المسؤول لدرجة إيصاله إلى جعل ..[ آله ]..،. والتجاريب أمامنا كثيرة في هذا العصر . فلقد آله الإيرانيون الأمبرطور شاه إيران ، وكذلك آله العراقيون الرئيس صدام حسين وعندما صنموا أولئك الحكام جاءت نهايتهم المستعجلة . وعلى أيدي أولئك ..(( المصفقون ))،. أنفسهم .
واليوم يمارس بعض المسؤولين الكبار . . الكبار في المجتمع أسلوب تصنيم جديد وهو فعل .. [ التصفيق ].. للحاكم . بمناسبة و بدون مناسبة ، يفعل ذلك بان يأمر الشعب في بعض المناسبات ..( بالوقوف ).. و.. (([ التصفيق ])).. للحاكم بهدف ..[ التمجيد ].. السلطوي و.. [ الرياء ].. السياسي ، و.. [ النفاق ].. الاجتماعي ، وربما يفعل ذلك خوفاً من أن يعزله الحاكم من منصبه العام .
أن .. [ التصفيق ].. هو نوعاً من أنواع الفساد ، وعندما يؤمر الشعب .. [ بالتصفيق ].. فان ذلك يعني .. ( الولاء بالإذعان ) ..، وهذا ولاء مغشوش ورخيص . يجبر على الخضوع والاستسلام . ويؤكد أن الإنسان أصبح يباع ويشرى لقاء كفين اليدين ، وإلا !.
فعندما يأمر مسؤول كبير الشعب بالتصفيق كأنه يعاملهم وكأنهم أطفال في روضة أطفال ينفذون ما يأمرون به . وإلا .. [ . . . ]..،.
التصفيق يعني ..(( التسفل )).. الذي حذر منه المفكر المصري الكبير عبدالرحمن الكواكبي ، ويعني ..(( الاستحمار )).. الذي حذر منه زهير كتبي .
التصفيق يعني رقي في .. [ ظاهرة الخرفان ].. وهو يعني أن الشعب يقاد وكأنه في حظيرة بهائم . والله جلت قدرته كرم بني آدم ، فلماذا يهان البشر ؟. ولماذا يهين الشعب نفسه وقد كرمه الله . قال تعالى : ((وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)) (الإسراء 70) .
يدعي المسؤول أنه يأمر الشعب بالتصفيق تقدير للمسؤول الأكبر لحسن أعماله وانجازاته فلماذا .. [ نصفق ].. و.. [ نرقص ].. و .. [ نغطرف ].. لمسؤول قبل المسؤولية وما يفعله هو جزء من أعماله ومسؤولياته ؟!.
فلماذا يعامل هذا الشعب العربي كأنه ..(([ جسد مجروح ])).. يسير في الشوارع وهو يشرشر من الدماء ؟.
إن .. [ التصفيق بالإكراه ].. يعني أن الوطن .. [ جدار ].. يحتمي بذلك التصفيق . والوطن ليس جداراً !. للقفز فوقه !.
إن .. [ التصفيق بالإكراه ].. يعني أن الوطن .. [ مقبرة ]..،والوطن،ليس مقبرة للدفن بها!.
إن .. [ التصفيق بالإكراه ].. يعني أن الوطن .. [ معركة بالسكاكين ].. والسكاكين تجرح وتقتل . والوطن ليس للجراح ، وليس للقتل أن من يفعل فعل .. [ التصفيق ].. هو يطبق طريقه : (( خذ من ذقنه وافتل له )). ولم يبق للشعب إلا أن .. [ يرقص ]..، ورجاله لتأكيد الولاء ، فيصبح .. ( هز الوسط ) .. هو معيار الولاء الوطني . ويل لأمة.. [ يصفق ]..و.. [ يرقص ].. رجالها خوفاً من غضبه المسؤول . ونسائها يغطرفن خوفاً من بطش ذلك المسؤول .
عندما يطلب المسؤول من الشعب .. [ التصفيق ].. فان ذلك المسؤول يعبر عن صفات الطغاة من المسؤولين ، فالمسؤول يظهر على سلوكياته ..(( التطرف )).. و..(( الاستعباد )).. ، وهذه من صفات الدكتاتورية والنزعة نحو السيطرة والسلطة . وقد يقول ويتكلم المسؤول المثقف عن مواعظ ، ولكنها مليئة بسوء الأدب ، وأيضا قد تكون بليغة ومؤثرة . ولكنها لا تهضم في معدة الإنسان المقهور والمغلوب على أمره ، والذي أجبر على سماعها .
وعندما يصر المسؤول على أن تمارس الرعية .. [ التصفيق ].. فان ذلك يدل على أن رويته الاستبدادية بلغت قدرتها ، ولكنها ــ الرؤية ــ تظل قاصرة على استيعاب ضرورات الكرامة وهذا أمر طبيعي فالتناقض لا يتضح إلا مقابل المتكامل .
لماذا يصفق الإنسان وبدون قناعة ، يصفق بالإكراه وكأنه يتقبل ..(([ الذل ])).. إلى حد يأباه الكلب !. إن .. [ الكرامة ].. فوق النفاق والمجاملة والمداهنة والرياء . وهي أرقى الأخلاق من جميع المظاهر . وأهانه الكرامة تكون في الإنسان ، عقد ، و ضغائن ، وأحقاد ، واحساد ، والآم ، ومتاعب مختلفة . فلو لاحظناها كبشر بوعي وانتباه لاستنكرنا أنفسنا ، واستقبحنا وجودنا ، واستيعاب حياتنا . فان قبل الإنسان المسلم أهانه كرامته ، فانه ينغمس كالدودة في الماء المتعفن بالقاذورات تنهش من جيفته .
لا شك أن من أدرك لذة .. [ الكرامة ].. لن يبد لها بأي شيء ، ولن يبيعها بأي ثمن . ولكن ماذا حدث حتى بدلت ..(( كرامتنا )).. بسهولة ، نحن عاجزون عن حماية .. كرامتنا .. لأننا اشتحقرناها بالتصفيق الإكراهي . فهل هذا الزمان هو الزمان نفسه الذي قال عنه الفضيل بن عياض لما سئل عنه : (( ليس هذا زمان التكلم ، بل هو زمان البكاء والتضرع والتذلل والابتهال )).
أن أسو أنواع الدكتاتوريات التي عرفت في التاريخ البشري هي .. [ دكتاتورية المثقف ].. وخاصة إذا كان مسؤولاً . وعندما نقرأ بعض كتب المذكرات وما نسمعه في القنوات الفضائية من حكي وسرد لبعض القصص السلطوية تقشعر لها الأبدان ، في هذه المرحلة وما قبلها نجد أن الملك الحسن الثاني ملك المغرب ما فعله لم يفعله حاكم مثله من قتل وسجن وتعذيب وإكراه ، وكذلك ما فعله الملك حسين بن طلال ملك المملكة الأردنية والرئيس صدام حسين وغيرهم . وهم من الحكام العرب المثقفين.
واليوم ما أكثر هذه الدكتاتوريات الاستبدادية التي يمارسها بعض المسؤولين لدينا في المجتمع و في داخل أروقة ودهاليزنا السياسة .
أؤكد أن ظلام المسؤول المثقف المستبد سيسقط ، ويعلو نور الحق . نعم سوف يسقط ظلام المثقف المسؤول الذي يتكلم بوجهين أو لسانين ويستخدم احدهما في كل مناسبة ، وكل مناسبة لها وجه ولسان . وأتمنى أن لا يضاف .. ( التصفيق بالإكراه )..،و.. (الرقص )..، ضمن ملفات الوجع العربي .
أخشى ، ما أخشى ، أن يصبح ..( التصفيق ).. في المناسبات وغيرها ..(( حرفة )).. و.. (( مهنة )).. من لا حرفة له من المسؤولين المثقفين .
أن .. [ التصفيق بالإكراه ].. لا يستطيع تهيج الوطنية ،ولا يرسخها ، بقدر ما يجعل إبليس يرشح جبنيه . فان سقط عرق إبليس في الأرض ، فالويل لسكان الأرض من إبليس والرهط المرافق له .
عسى ، وإني أتمنى ، أن تسعفني قدرتي على فهم ما يعنيه .. [ التصفيق بالإكراه ].. في قاموس ذلك المثقف المسؤول .
وأنني لأقسم قسماً لا أحنث فيه لا قول : أن من يصفق بالإكراه يكون قد أساء إلى .. [ شرف المواطنة ]..،. ولكنها الحياة السياسية الفاسدة والمفسدة . وأخطر شيء أن يعلو صوت فساد السياسي في الأمة ، وتعتبر الأمة أن ذلك الفساد هو نوع من أنواع الإصلاح ، وهنا يتاكد .. [ الاستحمار ].. في الأمة . لأنها تقاد إلى الانحطاط والتردي . إن أكبر قيم الإنسان هي تلك التي تبدأ منها : (([ بالرفض ])).. وعدم ..[ الاستسلام ]..،. فتظهر كلمة ..(( لا ))..،. و ..(( لا ))..،. هي أخطر .. ( لطمة ) .. يخاف منها المستبد . فيهتز داخلياً ، فيظهر عليه .. [ الارتباك ]..،. وإذا ارتبك المستبد يفقد توازنه . فأنت يا من خاصيتك أن تقول .. [ لا ].. تخيف وتزعج ذلك المستبد .
وعندما يحسن المثقف المسؤول الظن بنفسه كثيراً وعبر كبرياء عميق ، وكبر منتجزر مغروس فيه منذ نعومة أظفاره، فهذا يكون نوعاً من الهلاك النفسي أو يكاد يشقي على المهالك .
فعسى أن يسعف وقت ذلك المثقف المسؤول ليقرأ ردة فعل ذلك.. [التصفيق الإكراهي ].. وأؤكد أن جلت قدرته لا يعفوا دائما عما سلف . أقول هذا التذكير حتى لا يقع ذلك المسؤول المثقف في .. ( وهم وأهم ).. أن ذلك البلاء السياسي .. ( التصفيق الإكراهي )..،. ليس مما أختص الله به هذه الأمة .
ذلك المثقف المسؤول العاشق للتصفيق يدعي الإصلاح وينطبق عليه قوله : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ)(البقرة 11 ـ 12).
أما أنا فأقول : استغفر الله ، ثم استغفر الله ، ثم استغفر الله . اللهم لا تجعلنا من.. ( المصفقين ) .. و ..( الراقصين ).. فهذه من أدوات الشيطان ، وأعوذ بالله منه .
والله يسترنا فوق الأرض ، وتحت الأرض ، ويوم العرض ، وساعة العرض ، وأثناء العرض .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق