أديب وكاتب سعودي
قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه : وهو في سكرات الموت مقولته المشهورة : (( ليت ام عمر لم تلد عمر )).. وقال : ((والله لو ان بغلة بالعراق تعثرت لسلئت عنها يوم القيامة )).
هذه بعض المقولات الدينية والسياسية الرائعة التي قالها سيدنا عمر بن الخطاب الذي قال فيه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم . فيما يروى عن ايوب بن موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ان الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه وهو الفاروق فرق الله به بين الحق والباطل )). وقال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم : (( اللهم اعز الاسلام بعمر )) . لماذا لا يكون حكامنا العرب اليوم يملكون ويحملون مثل مبادئ وقيم واخلاق ومثل الحاكم عمر بن الخطاب ، ذلك الحاكم المسلم الذي لم يتمنى تولى الخلافة بل تهرب منها . خوفاً من عبء الحكم ، واعباء المسؤوليه امام الله الجبار المتكبر العادل . ذلك الحاكم الشديد الصارم صاحب القرار القوي . فمثلا قام رضي الله عنه . بإقالة سيدنا خالد بن الوليد رضي الله عنهما من قيادة الجيش بعد ان استدعاه ودار بينهما ذلك الحوار الحضاري من أجل مصلحة الأمة فعل تلك الاقالة . لأمر راه الخليفة عمر فيه تحقيق مصلحة للأمة . اهمل اليوم وحكامنا هذا الجانب من الصرامة والعزم والشدة في القرار فهم لا يستطيعون اقالة او فصل او طرد او اجبار أي .. [ وزير ].. على الاستقالة قصر . بل ان سيدنا عمر اقال عدد من الولاة الذين لم يحافظوا على مسؤولية الحكم او الولاية . في اداء عمله . فنجد اليوم ان وزير لا يعفي بسبب .. [ ازمة الخبز ].. او وزير يعفي بسبب وقوع .. [ حادث حافلة مروري ].. خطير ومفجع ينجم عنه وفيات للبشر . ووزير لا يعفي بسبب .. [ نقص المياه ].. ووزير لا يعفي بسبب تفشي امراض خطيرة في الوطن ، أو .. [ نقص في الدواء ].. او .. [ كثرة في الداء ]..،. في حين اننا نسمع ان في استراليا وزير يستقيل بسبب وجود .. [ جبن ملوث او معفن ]..،. وكذلك الوزير الايطالي الذي استقل لانه قاد سيارته بدون ان يحمل رخصة قيادة السيارة . وكذلك استقال وزير فرنسي لانه استغل منصبه الوزاري لأغراض خاصة . ثم استقالة وزير الدفاع الفرنسي ( جان بيير شوفنمان )، الذي قدم استقالته بسبب الاحتجاجات الكبيرة على عدم نزاهة . الحرب الغربية على العراق، وكذلك استقالة وزير الصحة التايواني بسبب مرض الالتهاب الرئوي ( سارز ) . ثم استقالة وزير النفط الكويتي لشعوره بالمسؤولية تجاه الخسائر البشرية في حريق البترول .
هذا النوع من الحكام مثل سيدنا عمر لم تلد الارحام مثلهم . سيدنا عمر المبشر بالجنة ، وثاني الخلفاء الراشدين ، ومن نزل القران المجيد مؤيدا لرايه في الكثير من المواضع . والحاكم الذي اشتهر بإقامة ..[ العدل].. ، وحقق كل قواعد ..[ العدالة].. بين الرعية واقام الامن . وحاسب كل الولاة الذي تقلدوا في عهده .. [ مسؤولية الامارة ].. ولم يتجاوز عن أي تقصير منهم وقع على الرعية . بل واقام عليهم القصاص مثل قصة عمرو بن العاص رضي الله عنه وابنه والقبطي فيستدعي واليه على مصر ويحاكمه محاكمة علنية ثم يحكم عليه بالعدل امام الرعية . وهو الحاكم القوى الذي قرع و وبخ بعض الولاة والمسؤولين عندما علم بوجود التقصير والاهمال في ادائهم الوظيفي . بل انه حاسب ابو هريرة رضي الله عنه في مال الزكاة .
هذا الحاكم الواعي والخائف من الله لم يهمل الرعية ، فيقوم في الليل باعماله والرعية نائمة ، فيتفقد احوال وشؤون رعيته فيعرف ظروفهم ، وبدون صخب او .. [ شنشنة اعلامية ]..،. ويدقق في ادق الامور فهو يتحسس كل قضاياهم وهمومهم واوجاعهم . ولعل قصته الشهيرة مع صاحبة اللبن خير دليل على انه كان يتفقد كل كبيرة وصغيرة من شؤون الرعية .
الخليفة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يعتمد في ادارة الحكم على .. [ الاجهزة الامنية والاستخباراتيه ].. وتقاريرها الكاذبة في نقل سوء احوال وهموم الرعية . والجاهزة لقول تمام افندم . او كلش زين ، وسم طال عمرك او ما يسمى .. [ ظاهرة السمسمة ]..،.
لم يجعل .. [ الهاجس الامني ].. يفوق كل الهواجس ، بل قدم وجعل .. [ العدل ].. في سلم اولوياته ، فهو من رسخ وجعل اهم ركائز نجاح الحكم هو اقامة..[العدل ].. وتحقيق..[العدالة ].. بين الرعية
فعندما تفقد الرعية بنفسه دون الاعتماد على التقارير الامنية التي تكذب في كثير من الاحايين استطاع اقامة .. [ العدل ].. حين اعطى كل ذي حق حقه ، وحقق .. [ الامن
الغذائي ].. فيحمل الدقيق فوق ظهره ليصله للمحتاج من الرعية . وهو أهم ركائز
.. [ الاستقرار في الوطن ].. ثم ذهب رضي الله عنه ونام تحت شجرة ، نعم نام وارتاح في نوم دون حراسة امنية وعسكرية مدججة باثقل وافضل انواع الاسلحة الثقيلة والخفيفة ، وبدون طائرات . فجاء ذلك الاعرابي يسأل عن الخليفة فدلوه على مكانه فوجده نائما فقال مقولته المشهورة ( حكمت فعدلت فنمت يا عمر !.). يا سلام .. هذه هي مقومات بقاء وحب واحترام وتقدير الحاكم !.
هذه حالة من حالات الحكام الموفقين والمخلصين لخدمة الرعية واراحتهم والعمل على رفاهيتهم . يتفقدون الرعية بانفسهم او عبر اناس وقنوات مخلصة وصادقة لهم . مثلما فعل
.. [ هدهد ].. سيدنا سليمان بن داود بني الله عليه السلام . فاثناء تفقد سيدنا سليمان الرعية وجد ان .. [ الهدهد ].. ليس من بين الرعية . وكان .. [ الهدهد ].. في قصة سيدنا سليمان[ رمز ] بل هو يمثل .. [ الجهاز الامني ألاستخباراتي ].. الصادق والمخلص للحاكم . فنقل اليه معلومات صادقة وصحيحة . فقال نبي الله سليمان : (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لاَ أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ) (سورة النمل20) .
فشرط الحاكم نبي الله سليمان انه لو لم يأتي .. [ الهدهد ].. ما يثبت ويؤكد اسباب غيابة عن عمله ، قال : لا عذبنه ، هذا شرط محاسبة .. [ الاجهزة الامنية و ألاستخباراتيه ].. فيجب ان يعاقب في حالة عدم احضارها معلومات حقيقية وصادقة للحاكم . وليس شغلها وعملها الاول هو اصدار المذكرات والتوصيات الامنية بسجن واعتقال المثقفين والمفكرين والكتاب والادباء والشعراء . فلذلك قال نبي الله سليمان : (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لاَ أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ)(لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ)(سورة
النمل20ــ 21).
هذه القصص في القران المجيد هي لاخذ ..(( العبرة )).. و ..(( المواعظ )).. و..(( الحكم الرصينة ))..،. وليس لمجرد القراءة والاطلاع . وكذلك ما حملته لنا كتب التراث الاسلامي العظيم من مواقف وحكم وعظات وعبر ، على الحكام اليوم ان يعيدوا قراءتها ، وكذلك رجال الحكم والسياسة والبطانة .
وعند مراجعة تاريخ سيدنا عمر بن الخطاب في الفتوحات الاسلامية نجده يأمر قواد الجيوش الإسلامية باحترام الشعوب وعدم قتل النساء والاطفال والكبار في السن من الرجال . وفي العصر الحديث وفي منطقتنا العربية يقوم حكامنا العرب اليوم ببيع الارض والشعب وثروات المواطن للغازي الامريكي . ويستبيحون الارض للغازي الامريكي واعوانه للانطلاقة منها لقتل الإنسان المسلم في العراق وافغانستان وغيرهما . بل ويقومون بتسليم البعض من رعيتهم للأجهزة الأمنية الغربية ، والتي تبدع وتفنن في تعذيبهم واهانة كرامتهم . بحجة مكافحة الإرهاب .
والله يسترنا فوق الأرض ، وتحت الأرض ، ويوم العرض وساعة العرض ، وأثناء العرض .
للتواصل :5366611
Faranbakka@yahoo.co.uk
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق