التاريخ حــدث .. يحــدث

 بقلم : الدكتور زهير محمد جميل كتبي

اطلعت وقرأت معظم أحداث العالم في هذا العام ، ووجدت ان عملية .. [ الصلح مع إسرائيل ] ..،. هي ارقى واهم حدث يحدث في عام 1994م . بعد الصلح الإسرائيلي العربي الشهير صلح الرئيس المصري انور السادات في السبعينات الميلادية . ان الباطل ما برح الحقيقة الإسلامية بسيوفه المفلولة وشبهاته الضئيلة ، ثم يرجع خائباً بغير جدوى . ولكني وجدت ان الصهيونية هي اهم المفاصل السياسية الفاعلة في أحداث العالم . تفعل ما تشاء ، وكيف شاءت ، ومع من شاءت ، ومتى شاءت ؟!. وآيه قرار يصدر من اعلى منبر سياسي شرعي في العالم هو بضاعة جديدة لهم وهو ثمرات قرائحهم ونتائج أفكارهم وحتى اليوم لم يتمكن المسلمون من احتواء المواقف والرد على المزاعم والأباطيل اليهودية . بل استخف بحقائق قضايا ومواقف ومشكلات المسلمين . وصار التعصب ضد عقيدتهم . إذن فالمعادلة السياسية والاقتصادية ليست موزونة وغير متكافئة . إذن ليس أمامنا كمسلمين أي حل إلا أن نقبل بالواقع المر وعلينا أن نحزم حقائبنا لنتجه في اتجاه نحو .. [ الصلح مع إسرائيل ].. ولقد وضحت وجهة نظري حيال هذا الرأي في مقالة مشهورة نشرت بصحيفة الأهرام المصرية بتاريخ الأحد 4/3/1411هـ وبالعدد (37910 ). وكذلك أعدت طرح هذا الموضوع في مقال لي آخر نشر في جريدة السياسة الكويتية بعددها ( 13596 ) ، تاريخ الخميس 21/7/1427هـ .
لقد سادت مقولة الصهيوني الكبير .(([ دافيد بن جوريون ])).. مؤسس دولة إسرائيل 
..(( أن الأرض واحدة وطالب الأرض أثنين .. ولا بد لأحدهما ان يتنازل ))..،.
لقد سادت هذه المقولة وكان لها الأثر الأعلى في الأفكار والهمم بل والآداب . لقد تحققت رؤية ..(( دافيد بن جوريون )).. وتنازل احد الطرفين عن الأرض ولكن كنا نريدها بسلام لا بارتهان لكن يبدو لي ان بعض المدارك لم نتمو بها نتائج العقول ، ولم تبعث الأقلام الواعية من مراقدها لتصف هذه العلل والإسقام الوبائية السياسية . لقد نصبت المكايد للأمة الإسلامية وصار المسلمون قوم لا يتدبرون بل يقتلون أنفسهم برصاصهم وأصبح العدو . يشجع القوي منهم على الضعيف حتى تزيد مساحة الخلاف بينهم ، غير حافلين بسخط الساخط . كم قرار سياسي صنع في أروقة ودهاليز ..(( اللوبي الصهيوني )).. ليطعن التماسك الاسلامي ؟!. وكم قرار صنع ليمحو تضامننا ؟!. ولا يعجز احد من صانعي هذه القرارات ان يقول : انا مطمئن وأنا أصيغ هذه القرارات وان سخط المسلمون . 
إذن فطريق .. [ الصلح مع إسرائيل ].. هو المخرج الوحيد لنا لنسد أبواب الشر المفتوحة علينا من كل الاتجاهات والجبهات . لم نملك زمام الحجة وصدق اللهجة ومتانة الموقف . لهذا اؤكد ان عملية .. [ الصلح مع إسرائيل ].. هي .. (( حدث تاريخي يحدث بانفعال )).. وسيغير الكثير من حلقات الدائرة التاريخية . ولو ذهبت الحقوق الى غير لقاء . ولو اثير فوق كل طاولة غباراً . وهذا ما يضيق المسلم عن قضاء ما في نفسه من مآرب . واعرف ان من الصراحة ما لا يجد في النفوس منفدا واذا سبق لأناس أن اشربوا منهج محاربة .. [ الصلح مع اسرائيل ].. واستخرجوا منه نتائج على هوى أذواقهم ، او اتخذوه عثرة في سبيل العقائد ، وجب علينا الا ننخدع بذلك . فـ ..(( الصلح )).. قائم وساري المفعول ، فمرحباً بالصلح مع إسرائيل . 
عادة تلقي الثقافة العربية السياسية المشهورة .. بالتردد .. والتراجع في المواقف ، والتي تكرس همها وفشلها . بان أية جريمة تقع في الشارع العربي إنما تكون إسرائيل السبب وراء تلك الجريمة ، حتى ولو كانت عملية طلاق بين زوجين . وهذا النوع من التبرير الغير مقبول في الشارع العربي ، انما كرس ظلاله على التغيرات السياسية القديمة ، مع استمرار النظرة الدونية ضدا إسرائيل ، لان .. الفكر السياسي العربي .. لم يطور نفسه ، ولم يرتقي على مستوى الحدث السياسي العالمي . وهذا ما افقد المصداقية في القرار السياسي العربي . فحتي الآن لم يستطع العرب توحيد قرارهم ورأيهم في عملية الصلح مع إسرائيل ، رغم صدور قرار بالموافقة على المبادرة العربية التي أطلقها الملك عبدالله بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية وعدم توحيد القرار ، وعدم توحيد الرأي ، وعدم توحيد الرؤيا ، وعدم توحيد الصفوف العربية ، أدى إلى الاختلاف في المواقف ،إلى هذا التدهور الشديد والسريع في العملية السياسية مع إسرائيل . 
ماذا سنقول للتاريخ أن العرب لم يستطيعوا حتى الآن تنظيم وترتيب أوضاع المنظمات الفلسطينية مثل حماس وفتح فهذا القتال يندلع بينهما لائقة الأسباب وأضعفها . 
أن الرضي بالحال الواقعي لمثل هذه الإحداث المجنونة يعني التوقف عن أي تطور لعملية السلام العربي الإسرائيلي . أن الأمر يتطلب انقلاباً دائما على الذات المتعصبة والمتطرفة تجاه عملية السلام . فالأمر يدعو إلى البحث عن الأفضل والأكمل في عملية الصلح مع إسرائيل بشروطنا وشروطهم وأخلاقنا وأخلاقهم ، لتأسيس دولتين عربية وإسرائيلية. المرحلة الوحيدة التي اشعر فيها بالاطمئنان لإجراء توقيع هذا الصلح الكامل مع إسرائيل هو هذه المرحلة بالذات . وأعيش كغيري من المسلمين القلق الكبير تجاه ما يحدث اليوم على أرض فلسطين . لكن هذا القلق لا يعني عندي فقدان الثقة بما نملك من مقومات إصلاح الوضع بالطرق الكفيلة بحفظ دماء الأبرياء من الفلسطنيين . واشعر أن لدي القيادات العربية الرغبة في تجاوز هذا الهم السياسي الموجع وعدم الركون إلى الخيارات السهلة . 
علينا أن لا نغفل أن التاريخ حدث يحدث ، وربما يتكرر ، مع تغير نوع في الرجال ومواقفهم . فما كان ممنوعاً وغير مباحاً في فترة الخمسينات والستينات الميلادية ، أصبح جائزاً ومباحاً في هذه المرحلة . وهذه هي السياسة لا أخلاق ولا قيم لها . فأينما تسير المصلحة نتجه البوصلة السياسية . 

والله يسترنا فوق الأرض، وتحت الأرض ، ويوم العرض ، وساعة العرض ، وأثناء العرض .

للتواصل :5366611  
Faranbakka@yahoo.co.uk


ليست هناك تعليقات: