فزع الحاكم العربي

بقلم : الدكتور زهير محمد جميل كتبي
  أديب وكاتب سعودي
لقد كان لقرار المدعي العام (لويس مورنيو اوتاميو) للمحكمة الجنائية الدولية في 
( لاهاى ) ( لإعتقال الرئيس السوداني البشير ) فزعاً كبيراً في أروقة ودهاليز وقصور السياسية العربية . وظن الكثير من شرائح الشارع العربي أن المدعي العام يلعب بسلاح الشعب العربي . وهذا غير صحيح . فلقد وجد ذلك القرار ترحيب شعبي جيد لم أستغربه،ولم أنفجع من ردة فعله المعلنة،لم تعمل أجهزة الإعلام العربي على إذاعته ونشره . خوفاً من أن تمتدد قرارات المدعي العام إلى دول عربية أخرى . خاصة بعد تصريح أمين عام الجامعة العربية عمرو موسى حين قال : أنه ممكن أن يطال القرار رؤساء دول عربية أخرى . 
الحكام العرب ومنذ الأزل ، وخاصة بعد تأسيس .. [ النظام الملكي ].. الأموي في عهد معاوية بن أبي سفيان ظنوا أن ..(( الدين والسلطة )).. في أيديهم . وقالوا لشعوبهم أن:
1/: الدين .
2/: السلطة .
3/: الثروة ، أو المال .

هي احتكار في قراراتهم وأهوائهم وأمزجتهم ، وأفهمت الشعوب العربية الغلبانة والمسحوقة أن .. [ الديكتاتورية ]..،. تعني :

1/: السمع .
2/: الطاعة العمياء .
وشكلت .. [ الخريطة السياسية العربية ].. لحكم الرعية ، على المبادئ السابق ذكرها . ووضع الحكام العرب ومنذ دولة .. [ الطلقاء ].. أو الأموية ، برنامج أو منهج سياسي ..( للاغتيالات السياسية ).. لأعداء وخصوم فكرههم ومنهجهم السياسي ، حتى وان كانوا من الصحابة الإجلاء رضوان الله عليهم ، وظل المنهج السياسي العربي مبني على سياسة الكذب وتضليل الرأي العام . والغش بمزاعم وشعارات كاذبة . فخاف من خاف من المعارضين للحكام ، وثبت من ثبت . ولكن كانت سلوكيات وأعمال وقرارات بطانة الحكام تثير الفزع وتروع البلاد والعباد . فضعفت المعارضة السياسية للحكام . خاصة بعد نشر وتعليق .. [ جثثت بعض المعارضين ].. في الشوارع والأماكن العامة ، بل أيضا التمثيل بها .
كل تحركات وقرارات الحكام تحكمها الصراعات والألاعيب السياسية ، وهي بعيدة كل البعد عن المبادئ والقيم الإسلامية .
أن المنهج السياسي الإسلامي الذي وضعه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم . لم يدعو إلى قتل المعارضين ، أو تصفيتهم أو تضيق الخناق عليهم ولم يدعو إلى المكر والخديعة والخيانة للناس والشعوب . لم يدعو المنهج السياسي الإسلامي إلى صنع 
..(([ ديمقراطية الثعالب والأفاعي ])).. و..(([ المداهنة السياسية ])).. من قبل البطانة الفاسدة لتتناسب مع مصالحهم ومنافعهم الضيقة ، ومع ظروف صالونهم السياسي .
ما يقع اليوم من قبل بعض الحكام العرب ، مر على تاريخ حكامنا العرب السابقين ووقعوا في نفس المأزق السياسي القديم ولكن حكام اليوم لا يجيدون فن قراءة التاريخ ، ولم يقربوا لهم من بين بطانتهم رجال تاريخ يجيدون فن القراءة والتفسير لمجريات الحركة التاريخية . ولكن حولهم رجال علماء وأساتذة في خلق الأزمات مع الشعوب وإضطهادها ، واصطياد الأزمات مع الجيران والنفخ فيها . ويعشقون 
.. [ الفشخرة السياسية ].. بالتبرع لمساعدة دول أخرى ويقدمون لهم أموال الشعوب بسخاء ، ولا يتبرعون لفقراء بلدانهم المسحوقين . يفعلون الخير في غير مواضعه من أجل 
.. [ الفشخرة السياسية ].. أو الدعاية السياسية والتي لا تستفيد منها بلدانهم .
وبعض حكام العرب اليوم لديهم حجج قوية من حيث منطقها .. لكنها تخالف قيم،وأخلاق ومبادئ الدين الإسلامي ، قبل أن تخالف القانون الدولي والأخلاقي . وأكبر حجة عند الحاكم هي أدعاء المحافظة على سيادة الدولة واستقلالها . صراع 
.. [ السلطة ].. صراع لا يمكن تجاهله منذ قتل سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه الخليفة الراشد الثالث .
كل زعيم وحاكم عربي يريد أن يصبح رقما مهما في السياسة العالمية . حتى وأن كانت بلاده تواجه تحديات حقيقية في الداخل . بغض النظر عن الاستخدامات السياسية التعسفية والدكتاتورية المستخدمة . ويعتقد الحاكم العربي ومنذ معاوية بن أبي سفيان أنه يجب أن يظل مهيمن على كل مفاصل الدولة ، ولكي تبقى المقابض في يده ولكي تبقى هكذا لا بد أن يحسم عدد من الأمور والإجراءات التعسفية أهمها تصفية وإنهاء الأعداء والخصوم والمعارضين .. و.. [ المصلحين ].. في الوطن ، عبر القتل والتعذيب والسجن والسحل وغيرها من إجراءات البطش . بهدف ترسيخ ثقافة الخوف والتخويف والترهيب . وهذا يحتاج إلى تطبيق أساليب الخوف في كل أشكاله .
وقد يستغل بعض الحكام اليوم ..[ حجر الدين ].. للارتكاز عليه ، وذلك أثناء الأزمات ، ولكنه يغفل أن ذلك الارتكاز الضعيف يعقد من حدة الأزمات ولا يخففها . العديد من الشعوب العربية اليوم تواجه ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية ، تعترف الغالبية العظمى من تلك الشعوب بأنها ظروف ظالمة لهم ، وليس أمامهم من خيار سوى الكفاح في سبيل حقهم الأساس في توفير الخبز والمسكن . ولكن تغفل تلك الشعوب الغلبانة إن الجانب الأهم في نظر الحاكم اليوم هو الازدهار الذي يكمن في كونه 
.. [ قرار التقدم ].. ولكن في حقيقة الأمر هو .. [ مكان للخجولين ].. من الشعب . 
ذلك الحاكم الذي تجاهل كل القواعد الأخلاقية التي تدعوه لتوفير الخبز والمسكن للمواطن . وعندما تقول المعارضة هذه المطالب للحاكم فانه يتعصب وينفعل ويصبح عصبياً محبطا ، ولكن لا تخمد رغبته في الانتقام من المعارضة والخصوم والمصلحين . ويتجاهل كل ما يقوله الشعب تماما ويفعل ما يشاء . 
إن هذا التدافع العربي نحو إشباع .. [ شهوة السلطة ].. ، قد يحقق أغراضه في الأزمنة الماضية ، ولكن اليوم لا يتجاوز حدود الأخلاق والقوانين الدولية ، التي تحاسب كل أو بعض المخطئين في حق شعوبهم . وصراع .. [ شهوة السلطة ].. هو الذي حول الحياة إلى صراع مرير بين بني البشر ، تسيل فيه الدماء البريئة ، وتزهق فيه الأرواح الزكية ، وتفني فيه قيمة وكرامة الشعوب . وتنتشر بينهم الأهواء والأمزجة ، و تعمل في نفوس الحكام عملها . 
ويا أمان الخائفين .
يفزع الحاكم عندما تصدر مذكرة بإيقافه أو إعتقاله ، وتفزع معه بطانته الفاسدة ، ولكن ذلك الحاكم لا يفزع ، ولا يخاف عندما يصدر مذكرات إيقاف وسجن المئات من أبناء الشعب ، ولا يخاف عندما تصدر قراراته بقتل أبناء الشعب .
فماذا يفعل هذا الحاكم يوم الفزع الأكبر ؟!.
يوم لا ينفع مال ولا بنون . قال الله تعالى [يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ] {الشعراء:88} 

والله يسترنا فوق الأرض ، وتحت الأرض ، ويوم العرض وساعة العرض ، وأثناء العرض .

للتواصل :5366611  
Faranbakka@yahoo.co.uk





ليست هناك تعليقات: