فاعتبروا يا أولي الأبصار

بقلم : الدكتور زهير محمد جميل كتبي
  أديب وكاتب سعودي

كنت في شهر رمضان المبارك أتابع بشدة واهتمام كبيرين المسلسل التاريخي الرائع الذي عرض في قناة MBC الفضائية .. [ ملوك الطوائف ].. والحقيقة ان قصة او قصص ملوك الطوائف بالأندلس فيها عبر ومواعظ وحكم بالغة الأهمية والتأثير والخطورة في تاريخ امتنا العربية ، انها كلها مآزق في أخرى . ففي كل نص يقوله أحد ملوك الطوائف فيه حكمة وبلاغة وعظة. قصص تؤلم قبل ان تفرح . كيف كنا ؟. وكيف أصبحنا ؟!. وكيف نسير ؟!. ضعفنا عندما تفرقت كلمتنا . وتمزقت صفوفنا . وعندما انصرفنا من أجل الصراع على السلطة . وجمع المال والثروة على حساب المبادئ والقيم . هذا المسلسل حكى لنا بعض اشكال من الصراع من أجل اشباع .. [ شهوة الحكم ].. او .. [ شهوة التسلط ].. المترسخة في العرب . والتي كان اشباعها على حساب الشعب وكرامته . ولعل أفظع وأخطر ما في قصص ملوك الطوائف . قصة الوزير ابن عمار ، من عامل الى وزير الى اقوى رجل في الدولة ، الى حاكم ولاية ، الى خائن . والى متاجر بقيم السلطة وأخلاقها . الى سقوط وانهيار وانكسار ، نهاية طبيعية للطغيان سبحان الله العظيم . فهل نستطيع ان نتعظ من إعادة قراءة التاريخ وقصصه وان نتعظ بها فعلا . وهل .. [ البطانة ].. التي تعيش وتعشش اليوم حول الحكام العرب استفادت وتعلمت من تلك التجاريب ، والتي قهرت الظلم والظلمة والاستبداد ؟.
يقصد المسؤولين في هذه القنوات الفضائية والمخرجين وكتاب نصوص تلك المسلسلات التاريخية .. لفت الانتباه .. الى الحال الذي تعيشه الأمة الإسلامية . بهدف تنشيط الذاكرة العربية والإسلامية ، لمراجعة نفسها ومحاسبتها قبل ان يقع الفأس في الرأس ، وأن يكون قد وقع الفأس في جزء من الرأس . وهذا ما وقع في العراق وأفغانستان . وفقد فعلها .. [ روم اليوم ].. الأمريكان ومعهم دول الغرب ، كما فعلها قبلهم جدهم الأكبر ( الفونسو ). فهل نشاهد هذه المسلسلات للعظة والعبر والحكمة او لقضاء الوقت والاستمتاع به . ولكن أي نوع هذا من الاستمتاع الذي أشعر به وأنا أشاهد أحفاد الملك المعتمد بن عباد وزوجة ابنه قد وقعوا في أسر ( الفونسو ) ليتربوا ويعيشون لدى عدو وقاهر جدهم . ثم هل سألنا أنفسنا كحكام وكشعوب لماذا وصلنا لهذة الحالة من التردي والانحطاط ؟. ولماذا تصدرت المؤامرة على أفكارنا وسلوكياتنا . ولماذا أصبحنا كل واحد منا متربص بالآخر . 
ويا أمان الخائفين !!.
◙◙◙

ازعم وبتدقيق عقلاني واعى ، وقناعة كاملة ان الحكومات او الشعوب العربية والخليجية تفتقر الى .. [ التسامح ].. السياسي ، فمثلا لماذا لا تغلق وتقفل السجون السياسية في المنطقة العربية والخليجية ؟. ولماذا نصر على تعذيب المثقفين والسياسيين والاصلاحين في السجون السياسية ؟. ثم لماذا نصر على فصل وطرد المثقفين والكتاب والمفكرين من العمل ، وبالذات المثقف والاصلاحي والسياسي المخالف لاي نظام حكم ؟!.
متى ينتهي هذا القمع والمطاردة العربية والخليجية ؟.
فكما قلت وعبر مسلسل ، ملوك الطوائف والذي كشف وبين ، ان القمع العربي له جذوره الممتدة والعميقة في المشهد السياسي العربي منذ تأسيس الدولة الاموية ، وحتى يومنا هذا.
ان المثقف العربي هو الصوت المعبر عن احاسيس المقهورين والمقموعين سياسيا وثقافياً ودينياً واجتماعياً وذلك .. [ القمع الخليجي العربي ].. يختلف من دولة لاخرى ، نعم يختلف في الدرجة والنوع والمستوى والتفاصيل . والمؤسف ان بعض المثقفين السلطويين اذا اراد .. [ مدح القمع ].. في وطنه ، فيقارنه مع انواع القمع الآخرى . فيقول لمحاوره يا أخي : انظر حولك من الدول المجاورة تجدنا اننا افضل من غيرنا في هذا الجانب . حتى ..[ القمع ].. ندعي فيه اننا احسن من غيرنا . يا معين !.
لقد أصبح الوطن العربي ، وطن قوي ، ولكنه بدون ..[ حرية حقيقية ].. ورغم هذا فان المثقف يمارس حزنه الشريف بكبرياء يليق بعروبته وإنسانيته . 
واختم مقالي بمقولة ( هيجل ): (( إن النفس المحرومة من الحرية الداخلية لا تعرف الإفصاح عن ذاتها )).

◙◙◙
لمحــــــــة
يقول ( تيدي روزفلت ) : (( تسعة أعشار الحكمة تكمن في كونك واعياً للوقت )).

والله يسترنا فوق الأرض ، وتحت الأرض ، ويوم العرض وساعة العرض ، وأثناء العرض .

للتواصل :5366611
  Faranbakka@yahoo.co.uk


ليست هناك تعليقات: