السلطة والمجتمع

بقلم : الدكتور زهير محمد جميل كتبي
  أديب وكاتب سعودي

في كثر من مظاهر الخليجية المختلفة ، وخاصة المجتمعية . وهي متعددة بيدانها تمثل المظهر الوحيد لتداخلات السلطة ، فيصبح المشهد سلطوي اكثر منه اجتماعي . فما اكتبه في مثل هذا المقال لن يكون وصفاً مجرداً الواقع نعيشه . بل ساحاول ان أجعل من الوصف الواقعي علاج . 
الواقع الخليجي لم يستخدم المجتمع كأداة ضغط الاعندما بدأت .. [ مسامات 
الحرية ] .. ، تتفتح في الجسد الخليجي السياسي وخاصة بعد الغزو العراقي الغاشم على الكويت . تغيرت معظم احوالنا المختلفة. والا فكان في الماضي وبال على السلطة . ويستطيع التاريخ السياسي الخليجي ان يترجم هذا الواقع ويستنطق منه الكثير من الاحداث المجنونة في هذا المجال . 
ولقد نظرت وتدبرت بعض الشيء ، فوجدت ما يدل على هذا .. [ الخذلان الاجتماعي الخليجي ] .. ومما رصدته هي النقاط التالية :
● المجتمع الخليجي يعيش حالة مجتمعية غريبة ، تشكل حالة .. [ غباء حاد ] .. فالمثقف والكاتب والمفكر والشاعر الخليجي يعاني ويشكو ويتضجر من سلطة الدولة ، وقوة نفوذها وتحكمها في مصيره ، والتضيق على حريته . ويقدم التضحيات ، تلو التضحيات من أجل المواطن والأمة ، ويطارد و يسجن ويعذب ويفصل من عمله . ولكن اخطر واسؤ سلطة يعاني منها المثقف والكاتب الخليجي هي .. (([ سلطة المجتمع ])).. والتي تضيق عليه الخناق ، وتتهمة بابشع التهم الحاقدة ، والتي لا تصدرها سلطة الدولة . فلا ابالغ حين اقول ان مجتمعنا الخليجي حقير وخسيس في بعض او بمعنى ادق في معظم شرائحة وحالاته . ولا يستحق ان يضحي من أجله . لان المجتمع سلطته اصبح .. [ امعة ] .. للسلطة ، فيصدق المواطن كل ما تقوله السلطة عن المثقف . وفي الوقت نفسه يعرف براءة وبعد ذلك المثقف عن مثل تلك التهم الباطلة والحاقدة . 
● ومن اشكال .. (([ المشهد السياسي])).. ان بعض دولنا لا تسمح لكبار المسئولين بها بتقديم لاستقالتهم من وظائفهم ، في حالة عدم رغبة المسئول الاستمرار بعمله لاي سبب من الاسباب . ولكن تكون عمليات انهاء خدمات كبار المسئولين بها وخاصة الوزراء ونوابهم الا بالاعفاء او الطرد ، او الفصل ، او الموت . وبعض مسئولين تلك الدول يظل في الخدمة الحكومية ، الى ما شاء الله . وتحت مسمى وظيفة .. مستشار .. ،. يظل كذلك وان كان مريضا او حتى ينقل الى مقر عمله بعربة المعاقين او العاجزين. او ان يحمل على.. [ شبرية ] .. فوق الاكتاف ، يفعل به ذلك من قبل الحكومة بهدف تطبيق قوله تعالي : (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا)9 سورة الإنسان . لان الاستقالة الحكومية في عرف 
.. [ النظام الخليجي ] .. الحاكم يعتبر ممنوعة ، بل محرمة ، ولا يجوز ممارسة هذا الحق النظامي الا من قبل ابناء النظام نفسه . . 
● ومن اشكال المشهد السياسي الشعبي في منطقتنا ان معظم الوزراء وكبار المسئولين يدعون امام المجتمع والناس ، وخاصة في المناسبات العامة والخاصة . انهم يرغبون في ترك العمل وتقديم استقالاتهم ، ولكن الحكومة ترفض ذلك الاجراء . وهم كذابون ... كذبوان ... كذابون ... ، وغير صادقين ومتمسكين بكراسي السلطة ، ولا يرغبون تركها . وازعم ان بعضهم لو ترك المنصب فسوف يقهر ثم يموت كدماً و غيظاً . ان لم يكن يرغبون في توريث ابنائهم لتلك الوظائف المهمة والحيوية . واحد وزير سابق اعفى او طرد بمعنى أدق من منصبه السياسي الحساس والمهم والحيوي والفعال قال لي : والله ان للمنصب شهوة ولذة وقوة عرفت قيمتها واهميتها بعدما طردت من منصبي . وهذا الاعتراف نادر ما نسمعه من وزارءنا وكبار المسئولين . حيث انهم يدعون بعد طردهم من وظائفهم ومناصبهم انه ارتاحوا الآن كذب .. وهراء .. واستخفاف بعقولنا . هذا تناقض اجتماعي وسياسي . 
● لا اعراف ولم استطع فهم لماذا تقام بعض .. [ طقوس النفاق ] .. و .. [ ممارسات الرياء].. في كثير من مناسباتنا الرسمية ، وهي ان يصفق الحاضرين بشغف وحدة وقوة عندما يتحدث او يخطب الحاكم او الامير او الوزير او المسئول .. فالتصفيق .. حركة اجتماعية و ثقافية غير مبررة ، وغير مقبولة . وهي تعبير حقيقي يعبر عن الاستخفاف بعقول الشعوب .
فلماذا لا تتحول الطاقة الروحية لطقوس النفاق وممارسات الرياء ، الى طاقة روحية بالدعاء والتسبيح والتكبير ؟!. لذلك الحاكم او الامير او الوزير او المسؤل لعل الله يهديه لما فيه صلاح و مصلحة الأمة .
● افغانستان .. حتى الأن هى القلق الاول للأمن الخليجي ، ومن اشكال .. [ المشهد السياسي ].. والامني انه حتى الان تعتبر بعض الحكومات الخليجية .. [ افغانستان ] .. هي مصدر الارهاب الاول في المنطقة . وان افغانستان هي التي جلبت .. [ المصائب ] .. و .. [ الكوارث ] .. 
و .. [ الارهاب ] .. للخليج . والغريب ان جهيمان العتيبي وجماعته، الارهابي الاول الذي قام بالاعتداء على المسجد الحرام الشريف عام 1400هـ ، هو أحد اهم منابع الارهاب الخليجي , ومن تناقضنا أننا لم نستطع ان ننسى ان ابناء وشباب العرب والخليج الذين ذهبوا للمحاربة والتدريب في افغانستان منذ الغزو السوفيتي ، قد انتهى معظمهم ، بالموت او الاعاقة او السجن وانقرض ذلك الجيل وما بعده . وان الارهابين الحاليين هم تدريب وطني مائة في المائة . فكفاية جعل افغانستان هي شماعة القصور والاسترخاء الأمني . ان المواطن اليوم لا يقبل ان يستخف بعقله فلقد توسع .. الوعي .. في دماغه . واصبح قادراً على التفكير ومعرفة الحقائق الكاملة . فكفاية هبل .. وكفا تناقض .. وكفاية وبس .
● ومن أشكال المشهد السياسي الخليجي ان وزارات الداخلية تمنع منعاً باتا اقامة او السماح .. [ للمظاهرات الشعبية ] .. للخروج في الشارع الخليجي للتعبير عن رفضها لسياسة الرئيس الامريكي بوش في العراق او افغانستان او فلسطين . كما فعلت معظم الشعوب والغريب ان التلفزيونات والقنوات الفضائية الحكومية الخليجية والخاصة . تنقل لنا بعض الصور والمشاعر للمظاهرات في الكثير من البلدان العربية والغربية والاسلامية . وكأن المواطن الخليجي لا يعيش على هذه الارض . او انه مبسوط وسعيد وموافق على سياسة بوش . فما هو تفسير هذا المنع القسري لارادة الشعب الخليجي المسكين والمغلوب على أمره . ومتى يعتقد أصحاب القرار ان الوقت المناسب قد حان للسماح لهذا الشعب ان يفعل ما يفعله غيره من الشعوب . ومتى ، سوف يسمحون لهذه الاغنام والمواشي والبهائم التي تعيش في حظيرة خليجية واحدة . ان تعبر عن ارادتها وحريتها .  

والله يسترنا فوق الأرض ، وتحت الأرض ، ويوم العرض وساعة العرض ، وأثناء العرض .

للتواصل :5366611  
Faranbakka@yahoo.co.uk