أديب وكاتب سعودي
لقد اصبحت العلامة بين السلطة العربية المسلمة والمثقف الاصولي علاقة .. [ حقد وبغض وعداوة ونفور ] .. لذلك صار .. [ القتل ] .. هو العلاج ، بعد ان كان القول الحسن هو الفصل في الامور .
لقد اتسمت حقبه السبعينيات والثمانينات الميلادية بحروب عصابات بين الجماعات الاصولية والحكومات العربية المسلمة . ويعود هذا الصراع الى اتساع رقعة .. [ الخلاف الايديولوجي ] .. ويعود ذلك ايضا الى مستوى الخلط والتحريف والتأول في فهم الاسلام .
وأصبح للسلطة صالونها المميز من المثقفين الذي تبنوا الدفاع عنها وعن مفاهيمها وآيديولوجيتها الثقافية ، وأيضا استطاعت الجماعات الاصولية تكوين صالون ثقافي يدافع عن قضيتها . ورفض الجانبان الجلوس على ..(( مائدة الحوار )).. للتقريب بين وجهات النظر بينهما . وايضا رفض الجانبان دراسة ومعرفة الواقع السائد ورصده وتحليله وفحصه بامانة وموضوعية ، حتى يتمكن الجميع من التوصل للعلاج .
خلاصة القول ان هذه الظاهرة الصراع بين السلطة ورجال الدين ، او الصراع حول السلطة، او الصراع على الكراسي . أصبح القضية المركزية في الأمة الإسلامية . ومن يريد الكتابة عن هذا الموضوع المهم فعليه ان يعود لقراءة بعض الكتب المهمة التى تناولت هذه الظاهرة الخطرة عبر حقب التاريخ وعبر فصول مختلفة والتي منها.
1/: عين الادب والسياسة وزين الحسب والرياسة . لأبي الحسن بن هذيل .
2/: الطرق الحكيمة في السياسة الشرعية . لابن قيم الجوزية .
3/: السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية . لابن تيمية .
4/: الأحكام السلطانية والولايات الدينية . لابي الحسن الماوردي .
5/: تهذيب الرياسة وترتيب السياسة . لابي عبدالله القلعي .
6/: أصول المنهج الإسلامي .
7/: مفاهيم إسلامية حول الدين والدولة .
8/: موقف الإسلام من الديمقراطية .
9/: نظام الحكم في الإسلام . الدكتور محمد يوسف موسى .
10/: السياسة الإسلامية .
11/: الامير ، لنيقولو مكيافيلي .
12/: دليل الرجل السياسي ، للكاردينال .
13/: نصيحة الملوك ، للماوردي .
14/: رسالة الصحابة ، لابن المقفع .
لقد اصبح ..(( العنف )).. ظاهرة خطر ترتبط بالدين والسلطة العربية والإسلامية ، في حين ان الإسلام رفض اسلوب ..(( العنف )).. وبكل اشكاله المختلفة . ودعا الى تحكيم العقل في هذه القضايا وامر بالابتعاد عن الجدل العقيم حولها . واعجبني ما قاله الدكتور احمد كمال ابو المجد في حديث له مع جريدة الانباء الكويتية والذي نشر بتاريخ 8/12/1415هـ . قال :
(( اخطر كارثة ان يتحول الإسلام الى مشكلة أمنية )).
ان هذا الصراع الإيديولوجي المتعصب والمتشنج جعل ..(( الغلو )).. و ..(( التطرف)).. شعاره لتحقيق أهدافه ، وأصبح الشارع الإسلامي يعيش حاله .. [ حرب العصابات ].. بين السلطة والجماعات الإسلامية الأصولية وهذا حال السعودية والأردن الجزائر ومصر والسودان وتونس وغيرها .
والمتربص والحاقد على الإسلام تعجبه هذه المشاهد وهذه التفرقة وهذا التمزق ، في حين ان العالم حولنا يتقارب أكثر ويتفاهم أفضل ويتحد بأساليب اقوى . لقد استطاع العالم حولنا تكوين رؤى واعية وناضجة لما يدور حولهم وايضا لخطواتهم في المستقبل . وهذا ما دعاني لطرح بعض التساؤلات ارغب طرحها أمام المفاصل السياسية في عالمنا الإسلامي ومنها :
هل انتكس الفكر العربي الإسلامي ؟!.
هل مزق الفكر العربي الإسلامي ؟!.
هل غيب الفكر العربي الإسلامي ؟!.
هل قتل الفكر العربي الإسلامي ؟!.
إن العيب ليس في المبدأ الإسلامي ولكن العيب في الإنسان الحامل للفكر الإسلامي ، هذا الفكر الإنساني اخطأ في الفهم واساء في التساؤل ، ويحمل هذا الخطأ السلطة وايضا الجماعات الإسلامية الاصولية .
فعندما تولى سيدنا ابو بكر الصديق رضي الله عنه الخلافة وادار دفة امور الدولة الإسلامية ، وجد في تلك الفترة معارضين له في الخلافة والرأي والمبدأ . ولكنهم جميعاً واعنى بهم سيدنا ابو بكر الصديق رضي الله عنه وخصومه لم يتجهوا الى اسلوب ..(( العنف )).. فالخليفة ابو بكر الصديق رضي الله عنه لم يضع خصومه في المعتقلات السياسية . وخصومه لم يحملوا السلاح ضده . وهذا ايضا تكرر في عهد الحاكم المثقف الخليفة الثاني سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ولكن الخليفة المثقف عمر لم يتجه للعنف والتصفيات الجسدية ، بل تعامل مع كل موقف معارض بعقلانية واعية لما تقول وتفعل ولعل ما يؤكد كلامي ذلك الحوار الحضاري العظيم الذي دار بين الخطاب والقائد الفذ خالد بن الوليد رضي الله عنهما ، والذي عزله عمر عن قيادة الجيش.
في راي ان .. [ العنف ] .. في العقل المسلم بدءا منذ ان قتل سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه واستمر بالأزمة السياسية التى مربها سيدنا علي بن ابي طالب رضي الله عنه . وتفاقم وضع .. [ العنف ].. في العقل عندما قام معاوية بن أبي سفيان بأول .. [ انقلاب مسلح ] .. في التاريخ الإسلامي ، عبر طريقة تحكيم القران المجيد ، وهكذا حتى وصل الأمر الى ما وصل اليه حالياً .
لقد ارهقت هذه الاحداث الدموية العنيفة وجدان الأمة العربية والإسلامية ، ولم نستوعب الجديد بعد !. واصبح الإنسان يركض وراء أي ضوء ولوكان خافتاً يصل به لبر الامان. وفي تقديري ان حل المشكل العربي الإسلامي يمكن في أمرين لا ثالث لهما :
1/: التطبيق الفعلي للشورى الإسلامية .
2/: تطبيق الحرية في كل المعاملات الحياتية وهي ما يسمى اليوم ( بالديمقراطية ).
وهذين الامرين غائبين عن الأمة العربية المسلمة . ان السلطة العربية تخاف وتخشى من .. (( الشورى )).. و .. (( الديمقراطية )).. بشكل رافت للنظر .
ان ابشع المناظر في نظر السلطة العربية هي ان تذهب الناس الى الدوائر المحلية وصناديق الاقتراع لاجراء عملية .. [ الانتخابات ] .. لذلك فهى تقاوم هذه المناظر وتحاول مقاومتها بكل طرقها القمعية السياسية منها والعسكرية . ومن هنا تكونت العداوات والخصومات .
هذه الحركات القمعية ومقاومة هذا التيار ادت الى تكوين الخلايا الشعبية السرية ، ونمت حتى اصبحت تشكل جماعات لها فلسفتها وسياستها وايديولوجيتها بل وترسانتها العسكرية . والتحق بهذا الجماعات كل من له قضية سياسية او دينية مع السلطة . وقد بدأت الامور في التداخل والتشابك واختلطت المفاهيم الصحيحة بالخاطئة وظهر ما يسمى
.. [ فوضى التدين ] ..، واستغل اعداءنا هذا الوهن والارتجاف فعملوا على زيادة التفكك والتخريب ليحققوا مصالح لهم مباشرة هى بالقطع تضر بمصالحنا العليا .
ان .. [ فوضى التدين ] .. تقود في كثير من الاحايين الى انفعالات غاضبة وتشنجات ساخطة واشكاليات مميتة ، وهذه السلوكيات تبعدنا كثيراً عن التعرف والتحسس للأشكاليات التي تقف اعوجاجنا وامراضنا ونواقصنا ومنغصاتنا وتدني احوالنا . وهذا البعد الكبير في التعرف والتحسس يؤدي الى .. (( [ فوضى المعالجة ])).. لتلك الاشكاليات المتعددة . لان من يضع العلاج ليس في مستوى المشكل ، وافكاره مرتجفة وهشة لذلك برز التناحر والتحارب فيما بيننا .
وفي ظني ان من حكم الله تبارك وتعالى على الامة العربية انه اوجد دولة اسرائيل في قلب العالم العربي ، وجعل كل الشعوب العربية وانظمتها الحاكمة ومؤسساتها المختلفة تشتغل باسرائيل وبالقضاء عليها والتخلص منها . ولو لا وجود اسرائيل لتفرغ العرب للقضاء على بعضهم البعض كما فعل العراق بالكويت وأحداث ايلول الأسود وأحداث ومذابح حماه بسوريا وقس على ذلك ، والحرب الأهلية اللبنانية ، وما يقع اليوم في لبنان ، وتطورت المشاكل الحدودية والخلافات الإيديولوجية بين الأنظمة العربية الحاكمة مثل البعث السوري والبعث العراقي وكل هذه الظواهر والإشكاليات قد تؤدي الى حروب تاكل الاخضر واليابس .
دخلنا في متاهات .. [ فوضي المعالجة ] .. عندما رفضت السلطة العربية الانصات للرأي الآخر ، ورفضت القناعة من ان رأيها صواب يحتمل الخطأ على افضل الاحوال ، او خطأ حتى يثبت صوابه على اسوأ الاحوال . فجاء رأي الجماعات الاسلامية بانها تريد ان يسمع صوتها ويؤخذ برايها ، ولم تقبل السلطة كل ذلك ،ففكر البعض من مسؤلي الجماعات الاسلامية الى فرض .. [ العنف ] .. كحل بديل . اذن يتضح لنا ان غياب ..(([ منهج الحوار ])).. هو بذرة الصراع بين الجانبين ، واعنى .. الحوار .. في كل المناحي .
وفي رأي ان نتعامل ونؤمن بان هناك رأي آخر يجب ثم يجب ان نحترمه ونقدره ونحلله ونفحصه ونتحاور معه وبكل ابعاده ، هو مخرج هندسي لأشكالية .. (( العنف )).. الذي يعاني منه اليوم الشارع المسلم . يا قادة العرب افتحوا أبواب الحوار وافتحوا كل قنواته المتعددة !.
والله يسترنا فوق الأرض، وتحت الأرض ، ويوم العرض ، وساعة العرض ، وأثناء العرض .
للتواصل :5366611
Faranbakka@yahoo.co.uk
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق