بقلــــــــــــم :

إن كتابتي عن موضوع..[ الأنفاق المكية ].. إنما هدفت منه إبراز معلم حضاري شامخ راسخ، صنعته أفكار ونظريات سعودية فنية. ابتداء من معالي الدكتور المهندس عبدالقادر كوشك – يرحمه الله - ثم معالي الأستاذ الصديق فؤاد محمد عمر توفيق ومعالي المهندس عمر قاضي وأخيراً معالي الأستاذ الدكتور المهندس فؤاد محمد غزالي.
إن المستوى الحضاري الذي تعيشه الأنفاق المكية إنما هو دليلاً مادياً على الرقي الفكري الفني لدى العقل السعودي الهندسي. فكل القائمين على إدارة وتشغيل وصيانة ودراسة والإشراف على هذه الأنفاق إنما هم شباب سعودي مؤهل وذي طاقات فنية عالية المستوى، وأصحاب خبرات مهنية فاعلة ابتداء من أخينا الحبيب سعـادة وكيل أمين العاصمة المقدسة للتعمير والمشاريع المهندس أحمد بايزيد ومن يليه من زملائنا الأفاضل سعادة المهندس سمير صالح أبو غليه، وسعادة المهندس عباس قطان، وغيرهم كثيراً من جيل الشباب بالأمانة المؤهل القادر على إدارة دفة أي منشئة حضارية فمن يشاهد اليوم بمروره داخل الأنفاق يشعر بمدى الفنيات والتقنيات التي تستخدم لتشغيل وصيانة هـذه الأنفاق والتي أجزم أنه لا يوجد لها مثيل في العالم. بسبب الطبوغرافية الجغرافية المعقدة بل الشديدة التعقيد تضاريسياً. وخاصة أن الوضع الجغرافي الميكانيكي يحول دون تحقيق مثل هذه المنجزات الإبداعية. هذه ليست مبالغة صحافيـة، بل أنها حقيقة علمية وهندسية وحضارية شامخة. فهي تعمل عبر أساليب علمية وعملية راقية ومقننة. يضاف لذلك هذا الشكل الجمالي الذي تظهر به الأنفاق المكية حالياً ابتداء من مستوى السفلتة والأرصفة والسواند الأسمنتية والإضاءة العالية المستوى، والتنظيم والنظافة الراقية، وغيرها، فهي مؤشرات علمية تؤكد ما قلته عن زملائي المهندسين بالأمانة وقدراتهم المختلفة على صناعة..[ الفخر الهندسي الحضاري المكي ].
حقيقة أن من حق بلادنا أن تفتخر أنه يقع على ترابها مثل هذه..[ المعالم الحضارية ].. التي صنعها الفكر الهندسي السعودي، ويديرها ويشغلها ويصونها فكر وطاقة وإنجاز عقول سعودية.
إني كمثقف سعودي أفتخر وأعتز بزملائي في الأمانة الذين يشرفون على إدارة هذه الخدمة الحضارية الضرورية.
إن زملائي المهندسين في الأمانة أشعر أنهم يدركون جيداً أننا إذا لم نبدع في تكوين إنجازات حضارية وتكون قوة مبدعة منتجة سنخرج من التاريخ، والتاريخ عادة لا يرحم الكسالى، فأنتم يا شباب طاقات وقدرات ومهارات وفنيات وقوة عقلية يجب أن تقدموا الكثير من الإبداع الهندسي من أجل هذا الوطن الرحيم. خاصة أنكم تملكون السلطة الهندسية التي يمكن أن تتحول إلى منجز ثقافي فني حضاري.
لابد أن نتعود على النطق الحضاري، ونهجر الصمت التخلفي، فالنطق الفني الراقي يترجمه منجز حضاري يكون على مستوى المعلم الحضاري في المدينة.
ويظل ذلك المعلم مهاباً بفكركم، مقروناً بالرزانة والحكمة التي تتصفون بها في أعمالكم. وأحسن الأعمال التي تخلد في ذاكرة الأمة هي التي تنفع الناس، ويفتخر بها الوطن والزائر له.
فتذكروا أن التاريخ خلفكم وأن ولاة الأمر – رعاهم الله – أمامكم لدعمكم لبذل المزيد والمزيد من أجل تطوير ونمو وتحضر هذه المدينة المقدسة. والوصول بها لأرقى درجات السلم الحضاري المعاصر. فنحن رجال وهم رجال وأعني من في الغرب؟!. كما نتمنى أن تصنعوا لنا عملية جراحية جغرافية جديدة في مكة المكرمة تفوق هذه العمليات الحضارية الراقية التي صنعت هذه الكوكبة من الأنفاق المكية الإبداعية. وأعتقد أن من حق أمانة العاصمة المقدسة أن تطالب بذكر ورصد سيرة هذه الأنفاق المكية الرائعة في موسوعة ( جنـز ) العالمية. لأنها إنجاز حضاري سعودي شامخ. ولأن هذه الأنفاق المكية إنما برزت عبر وسط حزام من التحضر والرقي.
نعـــم.. إن هذه الأنفاق المكية إنما هي مرآة الوعي الهندسي الفني للمهندس السعودي. وبقدر ما أحس بهذا الإبداع الهندسي فإنني أحسن بقدر آخر مقارب من الأول أنه الافتخار والاعتزاز بكل زملائي المهندسين بأمانة العاصمة المقدسة الذين يقفون خلف هذا الإنجاز الحضاري. هذا الشباب المكي الذي تيقظ فيه ملكة العقل المبدع المسائل المحلل الفاحص المشترط في الشيء والمشترط له والمتشرط عليه. إن هذا الأمر وجدته جديراً بالاعتبار وبالإثبات والتنويه، ليس فقط تعبيراً عن مشاعر المحبة والود بل الافتخار والاعتزاز بكل مهندس وطني.
Faranbakka@yahoo.co.uk
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق